الناس المتتايعين فيما نهوا عنه من ذلك، كما وافقوا عمر على أن حَدَّ في الخمر بثمانين لما كثر شُربُ الناس لها واستقلُّوا العقوبةَ بأربعين (?).
وكان عمر رضي الله عنه أحيانًا ينفي في الخمر ويحلق الرأس فيُغلظ عقوبتها بحسب الحاجة، إذْ لم يكن من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها حدّ مقدَّرٌ موقَّتُ القدر والصفة لا يُزاد عليه ولا يُنقَص منه، كما في حدِّ القذف، بل كان قدرُ العقوبة فيها وصفتها موكولةً إلى اجتهاد الأئمة بحسب الحاجة، فمن أدناها أربعون بالجريد والنّعالِ وأطرافِ الثياب، وهذا من أخفّ العقوباتِ قَدْرًا وصفةً، ثمَّ أربعون بالسياط، وهذا أعلى في الصفة دون القدر، ثم ثمانون بالسياط، وهذا أعلى منهما. وهل يُعاقَب فيها بالقتل بعد الثالثة أو الرابعة إذا لم ينتهوا إلاّ بذلك؟ فيه أحاديث ونزاعٌ ليس هذا موضعه (?).
فحديث عبد يزيد أو ركانة مَرويٌّ من هذين الوجهين، وأقلُّ أحوالِه حينئذٍ أن يكون حسنًا، فإن الحسن عند الترمذي هو ما رُوِي من وجهين ولم يُعلَم في رُواتِه متَّهم بالكذب، ولم يُعارِضْه ما يَدُلُّ على غلطه، وهو من أحسنِ ما يحتج به الفقهاء. وقد يقال: هو صحيح، وابن. حبان وإن كان قد صحَّح حديث البتةِ فإنه يصحّح حديث ابن إسحاق هو وغيره كابن خزيمة وابن حَزم وغيرهما،