وهذا كقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (?) . وقال بعض السَّلف (?) : هل من طالبِ علمٍ فيعانَ عليه؟
وقد يُراد أيضاً: أنَّ الله يُيسِّرُ لطالب العلم إذا قصد بطلبه وجه الله الانتفاعَ به والعملَ بمقتضاه، فيكون سبباً لهدايته ولدخولِ الجنَّة بذلك.
وقد يُيَسِّرُ الله لطالبِ العلم علوماً أُخَرَ ينتفع بها، وتكونُ موصلة إلى الجنَّة، كما قيل: من عَمِلَ بما عَلِمَ، أورثه الله علم ما لم يعلم (?) ، وكما قيل: ثوابُ الحسنة الحسنة بعدَها (?) ، وقد دلَّ على ذلك قولُه تعالى: {وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً} (?) ، وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (?) .
وقد يدخل في ذلك أيضاً تسهيلُ طريق الجنَّة الحِسيِّ يومَ القيامة - وهو الصِّراط - وما قبله وما بعدَه من الأهوال، فييسر ذلك على طالب العلم للانتفاع
به، فإنَّ العلم يدلُّ على الله مِنْ أقرب الطرق إليه، فمن سلك طريقَه، ولم يُعرِّجْ عنه، وصل إلى الله تعالى وإلى الجنَّةِ مِنْ أقرب الطُّرق وأسهلها فسَهُلَت عليه الطُّرُق الموصلةُ إلى الجنَّة كلها في الدنيا والآخرة، فلا طريقَ إلى معرفة الله، وإلى الوصول إلى رضوانه، والفوزِ بقربه، ومجاورته في الآخرة إلاَّ بالعلم النَّافع الذي بعثَ الله به رُسُلَه، وأنزل به كتبه، فهو الدَّليل عليه، وبه يُهتَدَى في ظُلماتِ الجهل
والشُّبَهِ والشُّكوك، ولهذا سمّى الله كتابه نوراً؛ لأنّه يُهتَدَى به في الظُّلمات. قال
الله تعالى: {قَدْ جَاءكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ} (?) .
ومثل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَمَلَةَ العلم الذي جاء به بالنُّجوم التي يُهتدى بها في الظُّلمات،