ففي " المسند " (?) عن أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((إنَّ مثلَ العُلَماءِ في الأرض كمثلِ النُّجوم في السَّماء، يُهتدى بها في ظُلُمات البرِّ والبحرِ، فإذا انطمست النُّجوم، أوشك أن تَضِلَّ الهُداة)) .
وما دام العلمُ باقياً في الأرض، فالنَّاس في هُدى، وبقاءُ العلم بقاءُ
حَمَلَتِهِ، فإذا ذهب حملتُه ومَنْ يقومُ به، وقع الناسُ في الضَّلال، كما في
" الصحيحين " (?) عن عبد الله بن عمرو، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((إنَّ الله لا
يقبِضُ العلمَ انتزاعاً ينتزعُه مِنْ صُدورِ الناسِ، ولكن يقبضُه بقبض العُلماء، فإذا لم يَبقَ (?) عالِمٌ، اتَّخذ الناسُ رؤساءَ جُهّالاً، فسئِلوا، فأفتَوا بِغيرِ عِلمٍ، فضلُّوا
وأضلُّوا)) .
وذكر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً رفع العلم، فقيل له: كيف يذهبُ العلم وقد
قرأنا القرآن، وأقرأناه نساءنا وأبناءنا؟ فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((هذه التَّوراة والإنجيلُ
عندَ اليهود والنَّصارى، فماذا تُغني عنهم؟)) فسئل عبادةُ بن الصَّامت عن
هذا الحديث، فقال: لو شئت لأخبرتُك بأوَّلِ علمٍ يرفع مِنَ الناس
:
الخشوع (?) ، وإنَّما قال عُبادة هذا، لأنَّ العلم قسمان:
أحدهما: ما كان ثمرتُه في قلبِ الإنسان، وهو العلمُ بالله تعالى، وأسمائه،
وصفاته، وأفعاله المقتضي لخشيتِهِ، ومهابتِه، وإجلالِه، والخضوع له، ولمحبَّتِه،
ورجائهِ، ودعائه، والتوكُّل عليه، ونحو ذلك، فهذا هو العلمُ النافع، كما قال ابنُ مسعود: إنَّ أقواماً يقرءون القرآن لا يُجاوُزِ تراقيهم، ولكن إذا وقع