ومنهم من حمله على منع الحجارة المُورِيَة للنَّارِ، وهو بعيدٌ، ولو حمل على منع الاستضاءة بالنَّار، وبذل ما فضل عن حاجة صاحبها لمن يستدفئ بها، أو يُنضجُ عليها طعاماً ونحوه، لم يبعد.
وأما الملح، فلعلَّه يُحمل على منع أخذِهِ مِنَ المعادن المُباحَة، فإنَّ الملحَ منَ المعادن الظَّاهرة، لا يُملَكُ بالإحياء، ولا بالإقطاع، نصّ عليه أحمد، وفي " سنن أبي دواد " (?) : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقطع رجلاً الملحَ، فقيل له: يا رسول الله إنّه بمنْزلة الماء العدِّ، فانتزعه منه.
ومما يدخل في عمومِ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضرَرَ)) أنّ الله لم يكلِّف عبادَه فعلَ ما يَضُرُّهم البتَّة، فإنَّ ما يأمرهم به هو عينُ صلاحِ دينهم ودنياهم، وما نهاهم عنه هو عينُ فساد دينهم ودنياهم، لكنَّه لم يأمر عبادَه بشيءٍ هو ضارٌّ لهم في أبدانهم أيضاً، ولهذا أسقط الطَّهارة بالماء عَنِ المريض، وقال: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} (?) ، وأسقط الصيام عن المريض والمسافر، وقال: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (?) ، وأسقط اجتناب