والنار والكلأ)) .
وذهب أكثر العلماء إلى أنَّه لا يُمنَعُ فضلُ الماء الجاري والنَّابعِ مطلقاً، سواء قيل: إنَّ الماء ملك لمالك أرضه أم لا، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عُبيد وغيرهم، والمنصوص عن أحمد وجوبُ بذلِه مجاناً بغيرِ عِوَضٍ للشُّربِ، وسقي البهائم، وسقي الزروع، ومذهب أبي حنيفة والشافعي: لا يجب بذلُه للزُّروع.
واختلفوا: هل يجبُ بذلُه مطلقاً، أو إذا كان بقرب الكلأ، وكان منعه مُفضِياً إلى منع الكلأ؟ على قولين لأصحابنا وأصحاب الشافعي، وفي كلام أحمد ما يدلُّ على اختصاصِ المنع بالقُرب من الكلأ، وأما مالكٌ، فلا يجبُ عندَه بذلُ فضلِ الماء المملوك بملك منبعِه ومجراه إلا للمضطرّ كالمُحاز في الأوعية، وإنما يجب عندَه بذلُ فضل الماء الذي لا يملك.
وعند الشافعي (?) : حكم الكلأ كذلك يجوزُ منعُ فضله إلاَّ في أرض الموات. ومذهب أبي حنيفة وأحمد وأبي عبيد أنّه لا يمنعُ فضل الكلأ مطلقاً، ومنهم من قال: لا يمنع أحدٌ الماء والكلأ إلاّ أهلَ الثغور خاصَّة، وهو قولُ الأوزاعي، لأنَّ أهلَ الثُّغور إذا ذهب ماؤهم وكلؤهم لم يقدِرُوا أن يتحوَّلوا من مكانهم من وراء بَيضَةِ الإسلام وأهله.
وأما النَّهي عن منع النار، فحملَه طائفةٌ من الفُقهاء على النَّهي عن الاقتباس منها دُونَ أعيانِ الجمر،