جنبه، يقال له: ألا تأتي هذا فتُصيب منه؟ فيقول: لا والله لا أفعل، إنِّي أخافُ أنْ آتيه، فأصيبَ منه، فيكون فسادَ قلبي وعملي (?) .

وبُعِثَ إلى عمر بن المنكدر بمالٍ، فبكى، واشتدَّ بكاؤه، وقال: خشيت أنْ تغلب الدُّنيا على قلبي، فلا يكون للآخرة فيه نصيب، فذلك الذي أبكاني، ثم أمر به، فتُصُدِّقَ به على فقراء أهل المدينة.

وخواص هؤلاء يخشى أنْ يشتغلَ بها عن اللهِ، كما قالت رابعة: ما أحبُّ أنَّ لي الدُّنيا كلَّها مِنْ أوَّلها إلى آخرها حلالاً، وأنا أنفقُها في سبيل الله، وأنَّها شغلتني

عنِ الله طرفةَ عينٍ.

وقال أبو سليمان: الزهد ترك ما يشغل عن الله (?) . وقال: كلُّ ما شغلك عن اللهِ مِنْ أهلٍ ومالٍ وولدٍ، فهو مشؤوم (?) .

وقال: أهلُ الزُّهد في الدُّنيا على طبقتين (?) : منهم من يزهدُ في الدُّنيا، فلا يُفْتَحُ له فيها روح الآخرة، ومنهم من إذا زَهِدَ فيها، فُتحَ له فيها روحُ الآخرة (?) ، فليس شيءٌ أحبَّ إليه من البقاء ليطيع الله (?) .

وقال: ليس الزاهد من ألقى همومَ الدُّنيا، واستراح منها، إنَّما الزَّاهد من زَهِدَ في الدُّنيا، وتعب فيها للآخرة (?) .

فالزُّهد في الدُّنيا يُرادُ به تفريغُ القلب منَ الاشتغال بها؛ ليتفرَّغ لِطلب الله، ومعرفته، والقرب منه، والأُنس به، والشَّوقِ إلى لقائه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015