عبد العزيز (?) .
وقد اختلف العلماء: أيُّما أفضلُ: من طلبَ الدُّنيا منَ الحلال، ليصل رحمَه، ويقدِّم منها لنفسه، أم من تركها فلم يطلبها بالكُليَّة؟ فرجَّحت طائفةٌ من تركها
وجانبها، منهم: الحسن وغيره، ورجَّحت طائفةٌ من طلبها على ذلك الوجه، منهم: النخعي وغيره، وروي عن الحسن عنه نحوه.
والزَّاهدون في الدُّنيا بقلوبهم لهم ملاحظُ ومشاهدُ يشهدونها، فمنهم من يشهدُ كثرةَ التَّعب بالسَّعي في تحصيلها، فهو يزهدُ فيها قصداً لراحةِ نفسه. قال الحسن: الزُّهد في الدُّنيا يُريح القلب والبدن.
ومنهم من يخافُ أنْ ينقصَ حظُّه من الآخرة بأخذ فضولِ الدُّنيا. ومنهم من يخافُ من طُولِ الحساب عليها، قال بعضهم (?) : من سأل الله الدُّنيا، فإنَّما يسأل طولَ الوُقوفِ (?) للحساب.
ومنهم من يشهدُ كثرةَ عُيوبِ الدُّنيا، وسرعة تقلُّبها وفنائها، ومزاحمةَ الأراذِلِ في طلبها، كما قيل لبعضهم: ما الذي زهَّدكَ في الدُّنيا؟ قالَ: قلَّةُ وفائها، وكثرةُ جفائها، وخسة شُركائها.
ومنهم من كان ينظر إلى حقارةِ الدُّنيا عند الله، فيقذرها، كما قال الفضيلُ: لو أنَّ الدُّنيا بحذافيرها عرضت عليَّ حلالاً لا أحاسب بها في الآخرة، لكنت أتقذرها كما يتقذر الرَّجلُ الجيفةَ إذا مرَّ بها أنْ تصيبَ ثوبه (?) .
ومنهم من كان يخافُ أنْ تشغلَه عن الاستعدادِ للآخرة والتزوُّدِ لها. قال الحسن: إنْ كان أحدهم ليعيش عمره مجهوداً شديدَ الجهد، والمالُ الحلال إلى