وفي الجملة: فمن امتثل ما أمر به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، وانتهى عما نهى
عنه، وكان مشتغلاً بذلك عن غيره، حَصَلَ له النجاةُ في الدنيا والآخرة، ومَنْ خالف ذلك، واشتغلَ بخواطرهِ وما يستحسنه، وقع فيما حذَّرَ منه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من حال أهل الكتاب الذين هلكوا بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم، وعدمِ انقيادهم وطاعتهم لرسلهم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا نهيتُكم عن شيءٍ، فاجتنبوه وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) قال بعضُ العلماء: هذا يؤخذ منه أنَّ النَّهيَّ أشدُّ من الأمر؛ لأنَّ النَّهيَّ لم يُرَخَّصْ في ارتكاب شيء منه، والأمر قُيِّدَ بحسب الاستطاعة (?) ، ورُوي هذا عن الإمام أحمد.
ويشبه هذا قولُ بعضهم: أعمال البِرِّ يعملُها البرُّ والفاجرُ، وأمَّا المعاصي، فلا يتركها إلاَّ صِدِّيق (?) .
ورُوي عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((اتَّق المحارم، تَكُن أعبدَ
الناس)) (?) .
وقالت عائشة رضي الله عنها: من سرَّه أنْ يسبق الدائبَ المجتهدَ، فليكفَّ عن الذنوب، وروي عنها مرفوعاً (?) .
وقال الحسن: ما عُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضلَ من ترك ما نهاهم الله عنه.