وقد خرَّج ابنُ أبي حاتم في "تفسيره" من حديث أبي الدرداء: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن الرَّاسخين في العلم، فقال: ((من برَّت يمينُه، وصدق لسانُه، واستقامَ قلبُه، ومن عفَّ بطنُه وفرجُه، فذلك مِنَ الرَّاسخين في العلم)) (?) .
وقال نافع بن يزيد: يقال: الرَّاسخونَ في العلم: المتواضعون لله، والمتذلِّلون لله في مرضاته لا يتعاطون من فوقهم، ولا يحقرون من دونهم (?) .
ويشهد لهذا قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاكم (?) أهلُ اليمن، هُمْ أبرُّ قلوباً، وأرقُّ أفئدةً. الإيمان يمانٍ، والفِقه يمانٍ، والحكمة يمانيةٌ)) (?) .
وهذا إشارة منه إلى أبي موسى الأشعري، ومن كان على طريقهِ من عُلَماء أهلِ اليمن، ثمَّ إلى مثل أبي مسلم الخولاني، وأويس القَرَنيِّ، وطاووس، ووهب بن منبه، وغيرهم من عُلماء أهل اليمن، وكلُّ هؤلاء مِنَ العلماء الربانيين الخائفين لله، فكلهم علماءُ بالله يخشونه ويخافونه، وبعضُهم أوسعُ علماً بأحكام الله وشرائع دينه من بعض، ولم يكن تميُّزهم عن الناس بكثرة قيلٍ وقالٍ، ولا بحثٍ ولا جدالٍ.
وكذلك معاذُ بنُ جبل - رضي الله عنه - أعلم الناس بالحلال والحرام (?) ، وهو الذي يحشر يومَ القيامة أمام العلماء برتوة (?) ، ولم يكن علمه بتوسعة المسائل وتكثيرها، بل قد سبق عنه