وفي بعض الكتب السالفة: يقول الله - عز وجل -: معشر الصدِّيقين بي فافرحوا، وبذكري فتنعَّموا (?) . وفي أثرٍ آخر سَبَق ذكره: ويُنيبون إلى الذِّكر كما تُنيب النسورُ إلى وُكورها.
وعن ابن عمر قال: أخبرني أهلُ الكتاب أنَّ هذه الأمة تُحبُّ الذِّكْرَ كما تُحبُّ الحمامةُ وكرَها، ولهُم أسرعُ إلى ذكر الله من الإبل إلى وردها يوم ظِمئِها (?) .
قلوبُ المحبين لا تطمئنُّ إلاّ بذكره، وأرواحُ المشتاقين لا تَسكُنُ إلاّ برؤيته، قال ذو النون: ما طابتِ الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرةُ إلا بعفوه، ولا طابت الجنَّة إلاّ برؤيته (?) .
أبداً نُفوس الطَّالبيـ ... ـن إلى طلُولكم تَحِنُّ
وكَذَا القُلُوبُ بِذكركُم ... بَعْدَ المَخافةِ تَطمئنُّ
جُنَّتْ بحُبِّكُمُ ومَنْ ... يَهوى الحَبيبَ ولا يُجَنُّ؟
بِحياتِكُم يا سادتي ... جُودُوا بِوصْلِكُم ومُنُّوا
قد سبق حديث: ((اذكروا الله حتى يقولوا: مجنون)) ولبعضهم:
لقد أكثرتُ من ذِكرا ... كَ حتَّى قِيلَ وَسْوَاسُ
كان أبو مسلم الخولاني كثيرَ الذِّكر، فرآه بعضُ الناس، فأنكر حالَه، فقال لأصحابه: أمجنون صاحبُكم؟ فسمعه أبو مسلم، فقال: لا يا أخي، ولكن هذا دواءُ الجنون (?) .
وحُرمَة الودِّ مالي مِنكُم عِوَضٌ ... ولَيسَ لي في سِواكُم سَادتِي غَرَضُ
وقَدْ شَرَطْتُ على قومٍ صَحِبتُهُم ... بأنَّ قلبي لَكُمْ مِن دونِهم فرضُوا