ذكروه، فوجِلَتْ قلوبهم فرقاً وهيبة، فلو حُرِّقوا بالنَّار، لم يجدوا مَسَّ النار، وآخرون ذكروه في الشتاء وبرده، فارفضّوا عرقاً من خوفه، وقومٌ ذكروه، فحالت ألوانهم غبراً، وقومٌ ذكروه، فجَفَّتْ أعينُهم سهراً.
صلَّى أبو يزيد الظهر، فلما أراد أنْ يُكبِّر، لم يقدر إجلالاً لاسم الله، وارتعدت فرائصه حتى سمعت قعقعةُ عظامه (?) .
كان أبو حفص النَّيْسابوري إذا ذكر الله تغيَّرت عليه حالُه حتى يرى ذلك جميع من عنده، وكان يقولُ: ما أظن محقاً يذكر الله عن غير غفلة، ثم يبقى حياً إلا الأنبياء، فإنَّهم أيدوا بقوَّة النبوَّة وخواصِّ الأولياء بقوَّة ولايتهم (?) .
إذا سمِعَتْ باسمِ الحَبيبِ تَقعقعت ... مَفاصِلُها مِنْ هَولِ ما تَتذَكَّرُ
وقف أبو يزيد ليلةً إلى الصباحِ يجتهد أنْ يقول: لا إله إلا الله، فما قدر إجلالاً وهيبةً، فلما كان عند الصباح، نزل، فبال الدَّم (?) .
وما ذكرتُكُمُ إلاّ نَسيتُكُم ... نسيانَ إجلال لا نِسيانَ إهمالِ
إذا تَذكَّرتُ مَنْ أنتُم وكيف أنَا ... أَجْلَلتُ مِثلَكُم يَخطُرْ على بالي
الذكر لذَّة قلوب العارفين. قال - عز وجل -: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (?) . قال مالك بنُ دينار: ما تلذَّذ المتلذذون بمثل ذكر الله - عز وجل - (?) .