وقال بعضُ العارفين: احذروه، فإنَّه غيورٌ لا يُحبُ أنْ يرى في قلبِ عبده غيرَه، وفي هذا يقول بعضهم:
ليس للنَّاسِ موضِعٌ في فؤادي ... زاد فيه هواك حتَّى امتلا
وقال آخر:
قَدْ صِيغَ قلبي على مقدار حبِّهمُ ... فما لِحبٍّ سواهم فيه مُتَّسعُ
وإلى هذا المعنى أشار النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في خطبته لما قدم المدينة فقال: ((أحبوا الله من كلِّ قلوبكم)) كما ذكره ابن إسحاق في " سيرته " (?) فمتى امتلأ القلبُ بعظمةِ الله تعالى، محا ذلك مِنَ القلب كلَّ ما سواه، ولم يبقَ للعبد شيءٌ من نفسه وهواه، ولا إرادة إلاَّ لما يريدهُ منه مولاه، فحينئذٍ لا ينطِقُ العبدُ إلاّ بذكره، ولا يتحرَّك إلا بأمره، فإنْ نطقَ، نطق بالله، وإنْ سمِعَ، سمع به، وإنْ نظرَ، نظر به، وإنْ بطشَ، بطش به،