غُفْرَانَكَ، اللَّهُمَّ غُفْرَانَكَ، اللَّهُمَّ غُفْرَانَكَ، ثُمَّ مَاتَ فَغُفِرَ لَهُ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» . وَالْمَعْنَى: مَا دَامَ عَلَى هَذَا الْحَالِ كُلَّمَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الِاسْتِغْفَارُ الْمَقْرُونُ بِعَدَمِ الْإِصْرَارِ، وَلِهَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَأَمَّا اسْتِغْفَارُ اللِّسَانِ مَعَ إِصْرَارِ الْقَلْبِ عَلَى الذَّنْبِ، فَهُوَ دُعَاءٌ مُجَرَّدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَجَابَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ. وَقَدْ يَكُونُ الْإِصْرَارُ مَانِعًا مِنَ الْإِجَابَةِ، وَفِي " الْمُسْنَدِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «وَيْلٌ لِلَّذِينِ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْمَلُونَ» . وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَالْمُسْتَغْفِرُ مِنْ ذَنْبٍ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ» وَرَفْعُهُ