وَتَارَةً يُفْرَدُ الِاسْتِغْفَارُ، وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَةُ، كَمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الِاسْتِغْفَارُ الْمُقْتَرِنُ بِالتَّوْبَةِ، وَقِيلَ: إِنَّ نُصُوصَ الِاسْتِغْفَارِ الْمُفْرِدَةَ كُلَّهَا مُطْلَقَةٌ تُقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ فِي آيَةِ " آلِ عِمْرَانَ " مِنْ عَدَمِ الْإِصْرَارِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ وَعَدَ فِيهَا بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنِ اسْتَغْفَرَهُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى فِعْلِهِ، فَتُحْمَلُ النُّصُوصُ الْمُطْلَقَةُ فِي الِاسْتِغْفَارِ كُلُّهَا عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِ الْقَائِلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي - طَلَبٌ مِنْهُ لِلْمَغْفِرَةِ وَدُعَاءٌ بِهَا، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الدُّعَاءِ، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَجَابَهُ وَغَفَرَ لِصَاحِبِهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا خَرَجَ عَنْ قَلْبٍ مُنْكَسِرٍ بِالذَّنْبِ أَوْ صَادَفَ سَاعَةً مِنْ سَاعَاتِ الْإِجَابَةِ كَالْأَسْحَارِ وَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ. وَيُرْوَى عَنْ لُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنِيَّ عَوِّدْ لِسَانَكَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَإِنَّ لِلَّهِ سَاعَاتٍ لَا يَرُدَّ فِيهَا سَائِلًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فِي بُيُوتِكُمْ، وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَفِي أَسْوَاقِكُمْ، وَفِي مَجَالِسِكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، فَإِنَّكُمْ مَا تَدْرُونَ مَتَى تَنْزِلُ الْمَغْفِرَةُ. وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " حُسْنِ الظَّنِّ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «بَيْنَمَا رَجُلٌ مُسْتَلْقٍ إِذْ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَإِلَى النُّجُومِ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ لَكِ رَبًّا خَالِقًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ» . وَعَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ، فَخَرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَجَمَعَ تُرَابًا، فَاضْطَجَعَ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا، فَقَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَيَعْرِفُ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ وَيُعَذِّبُ، فَغَفَرَ لَهُ. وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ خَبِيثٌ، فَتَذَكَّرَ يَوْمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015