مُنْكَرٌ، وَلَعَلَّهُ مَوْقُوفٌ. قَالَ الضَّحَّاكُ: ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ مُقِيمٌ عَلَى امْرَأَةٍ زِنًا قَضَى مِنْهَا شَهْوَتَهُ، قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا أَصَبْتُ مِنْ فُلَانَةٍ، فَيَقُولُ الرَّبُّ: تَحَوَّلْ عَنْهَا، وَأَغْفِرُ لَكَ، فَأَمَّا مَا دُمْتَ مُقِيمًا عَلَيْهَا، فَإِنِّي لَا أَغْفِرُ لَكَ، وَرَجُلًا عِنْدَهُ مَالُ قَوْمٍ يَرَى أَهْلَهُ، فَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا آكُلُ مِنْ فُلَانٍ، فَيَقُولُ تَعَالَى: رُدَّ إِلَيْهِمْ مَالَهُمْ، وَأَغْفِرُ لَكَ، وَأَمَّا مَا لَمْ تَرُدَّ إِلَيْهِمْ، فَلَا أَغْفِرُ لَكَ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، مَعْنَاهُ: أَطْلُبُ مَغْفِرَتَهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَالِاسْتِغْفَارُ التَّامُّ الْمُوجِبُ لِلْمَغْفِرَةِ: هُوَ مَا قَارَنَ عَدَمَ الْإِصْرَارِ، كَمَا مَدَحَ اللَّهُ أَهْلَهُ، وَوَعَدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ، قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَرَةُ اسْتِغْفَارِهِ تَصْحِيحَ تَوْبَتِهِ، فَهُوَ كَاذِبٌ فِي اسْتِغْفَارِهِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: اسْتِغْفَارُنَا هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ:

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ... مِنْ لَفْظَةٍ بَدَرَتْ خَالَفْتُ مَعْنَاهَا

وَكَيْفَ أَرْجُو إِجَابَاتِ الدُّعَاءِ وَقَدْ ... سَدَدْتُ بِالذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ مَجْرَاهَا

فَأَفْضَلُ الِاسْتِغْفَارِ مَا اقْتَرَنَ بِهِ تَرْكُ الْإِصْرَارِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ تَوْبَةٌ نَصُوحٌ، وَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَهُوَ غَيْرُ مُقْلِعٍ بِقَلْبِهِ، فَهُوَ دَاعٍ لِلَّهِ بِالْمَغْفِرَةِ، كَمَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَهُوَ حَسَنٌ وَقَدْ يُرْجَى لَهُ الْإِجَابَةُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: " تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ، فَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ، كَمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَهَذَا حَقٌّ، فَإِنَّ التَّوْبَةَ لَا تَكُونُ مَعَ الْإِصْرَارِ. وَإِنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فَلَهُ حَالَتَانِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015