وَكَذَلِكَ الْمَعَاصِي، إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ تَقْدِيمِ الْهَوَى عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ. وَكَذَلِكَ حُبُّ الْأَشْخَاصِ: الْوَاجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَمَحَبَّةُ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ عُمُومًا، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ عَلَامَاتِ وُجُودِ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ. وَيَحْرُمُ مُوَالَاةُ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَمَنْ يَكْرَهُهُ اللَّهُ عُمُومًا، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَبِهَذَا يَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ. «وَمَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» ، وَمَنْ كَانَ حُبُّهُ وَبُغْضُهُ وَعَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ لِهَوَى نَفْسِهِ، كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي إِيمَانِهِ الْوَاجِبِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَالرُّجُوعُ إِلَى اتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَقْدِيمِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا فِيهِ رِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى هَوَى النُّفُوسِ وَمُرَادَاتِهَا كُلِّهَا. قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ: بَلَغَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - «أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَا رَبِّ أَوْصِنِي؟ قَالَ: أُوصِيكَ بِي، قَالَهَا ثَلَاثًا حَتَّى قَالَ فِي الْآخِرَةِ: أُوصِيكَ بِي أَنْ لَا يَعْرِضَ لَكَ أَمْرٌ إِلَّا آثَرْتَ فِيهِ مَحَبَّتِي عَلَى مَا سِوَاهَا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ أُزَكِّهِ وَلَمْ أَرْحَمْهُ» . وَالْمَعْرُوفُ فِي اسْتِعْمَالِ الْهَوَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ: أَنَّهُ الْمَيْلُ إِلَى خِلَافِ الْحَقِّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] [ص: 26] ، وَقَالَ: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 - 41] [النَّازِعَاتِ: 40 - 41] .