وَقَدْ يُطْلَقُ الْهَوَى بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ وَالْمَيْلِ مُطْلَقًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَيْلُ إِلَى الْحَقِّ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى مَحَبَّةِ الْحَقِّ خَاصَّةً وَالِانْقِيَادِ إِلَيْهِ، «وَسُئِلَ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْهَوَى فَقَالَ: سَأَلَهُ أَعْرَابِيٌّ عَنِ الرَّجُلِ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ، قَالَ: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] [الْأَحْزَابِ: 51] ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. «وَقَالَ عُمَرُ فِي قِصَّةِ الْمُشَاوَرَةِ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا جَاءَ فِي اسْتِعْمَالِ الْهَوَى بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ الْمَحْمُودَةِ، وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْآثَارِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ كَثِيرًا، وَكَلَامُ مَشَايِخِ الْقَوْمِ وَإِشَارَاتُهُمْ نَظْمًا وَنَثْرًا يَكْثُرُ فِي هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَمِمَّا يُنَاسِبُ مَعْنَى الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ:
إِنَّ هَوَاكَ الَّذِي بِقَلْبِي ... صَيَّرَنِي سَامِعًا مُطِيعًا
أَخَذْتُ قَلْبِي وَغَمْضَ عَيْنِي ... سَلَبْتَنِي النَّوْمَ وَالْهُجُوعَا
فَذَرْ فُؤَادِي وَخُذْ رُقَادِي ... فَقَالَ لَا بَلْ هُمَا جَمِيعَا