ثِيَابَهُمْ، وَدَفِئُوا بِهَا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِمْ، فَانْصَرَفُوا وَرُدَّتِ الشَّجَرَةُ إِلَى هَيْئَتِهَا. وَخَرَجَ أَبُو قِلَابَةَ [صَائِمًا] حَاجًّا فَتَقَدَّمَ أَصْحَابُهُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَأَصَابَهُ عَطَشٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُذْهِبَ عَطَشِي مِنْ غَيْرِ فِطْرٍ، فَأَظَلَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَّتْ ثَوْبَهُ، وَذَهَبَ الْعَطَشُ عَنْهُ، فَنَزَلَ فَحَوَّضَ حِيَاضًا فَمَلْأَهَا، فَانْتَهَى إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَشَرِبُوا، وَمَا أَصَابَ أَصْحَابَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَطَرِ شَيْءٌ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، وَيَطُولُ اسْتِقْصَاؤُهُ. وَأَكْثَرُ مَنْ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مِنَ السَّلَفِ كَانَ يَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ، وَيَخْتَارُ ثَوَابَهُ، وَلَا يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِالْفَرَجِ مِنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَدْعُو لِلنَّاسِ لِمَعْرِفَتِهِمْ لَهُ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لِبَصَرِكَ، وَكَانَ قَدْ أُضِرَّ، فَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَصَرِي. وَابْتُلِيَ بَعْضُهُمْ بِالْجُذَامِ، فَقِيلَ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّكَ تَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، فَلَوْ سَأَلْتَهُ أَنْ يَكْشِفَ مَا بِكَ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَلَانِي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُرَادَّهُ. وَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ - وَهُوَ فِي سِجْنِ الْحَجَّاجِ - لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَدْعُوَهُ أَنْ يُفَرِّجَ عَنِّي مَا لِي فِيهِ أَجْرٌ. وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَبَرَ عَلَى أَذَى الْحَجَّاجِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ؛ كَانَ لَهُ دِيكٌ يَقُومُ بِاللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً فِي وَقْتِهِ، فَلَمْ يَقُمْ سَعِيدٌ لِلصَّلَاةِ فَشُقَّ