بِذَهَابِ حَمَلَتِهِ، فَلَا يَبْقَى إِلَّا الْقُرْآنُ فِي الْمَصَاحِفِ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَعْلَمُ مَعَانِيَهُ، وَلَا حُدُودَهُ، وَلَا أَحْكَامَهُ، ثُمَّ يُسْرَى بِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَلَا يَبْقَى فِي الْمَصَاحِفِ وَلَا فِي الْقُلُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَقُومُ السَّاعَةُ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شَرَارِ النَّاسِ» ، وَقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ وَفِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ» .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فَيَمَنْ عِنْدَهُ» . هَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَمُدَارَسَتِهِ، وَهَذَا إِنْ حُمِلَ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ، فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِهِ، وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي فِي مِقْعَدِي هَذَا، وَكَانَ قَدْ عَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ.