الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَوْ شِئْتُ لَأَخْبَرْتُكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ: الْخُشُوعُ، وَإِنَّمَا قَالَ عُبَادَةُ هَذَا لِأَنَّ الْعِلْمَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ ثَمَرَتُهُ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِخَشْيَتِهِ، وَمَهَابَتِهِ، وَإِجْلَالِهِ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَمَحَبَّتِهِ، وَرَجَائِهِ، وَدُعَائِهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ، فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ، فَذَاكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ، وَعِلْمٌ فِي الْقَلْبِ، فَذَاكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الْعِلْمُ الَّذِي عَلَى اللِّسَانِ، وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «الْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» ، فَأَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ: الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَهُوَ الْعِلْمُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُخَالِطُ الْقُلُوبَ وَيُصْلِحُهَا، وَيَبْقَى عِلْمُ اللِّسَانِ حُجَّةً، فَيَتَهَاوَنُ النَّاسُ بِهِ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِمُقْتَضَاهُ، لَا حَمَلَتُهُ وَلَا غَيْرُهُمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَذَا الْعِلْمُ