بِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَقْرَبِ الطَّرِيقِ إِلَيْهِ، فَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ، وَلَمْ يَعْرُجْ عَنْهُ، وَصَلَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ وَأَسْهَلِهَا فَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْجَنَّةِ كُلُّهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَإِلَى الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِهِ وَالْفَوْزِ بِقُرْبِهِ وَمُجَاوَرَتِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْعِلْمِ النَّافِعِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُهْتَدَى فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ كِتَابَهُ نُورًا؛ لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ فِي الظُّلُمَاتِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16] [الْمَائِدَةِ: 15 - 16] .
وَمَثَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَةَ الْعِلْمِ الَّذِي جَاءَ بِهِ بِالنُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا فِي الظُّلُمَاتِ، فَفِي " الْمُسْنَدِ " عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ، أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ» .
وَمَا دَامَ الْعِلْمُ بَاقِيًا فِي الْأَرْضِ، فَالنَّاسُ فِي هُدًى، وَبَقَاءُ الْعِلْمِ بَقَاءُ حَمَلَتِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ حَمَلَتُهُ وَمَنْ يَقُومُ بِهِ، وَقَعَ النَّاسُ فِي الضَّلَالِ، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» .
«وَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا رَفْعَ الْعِلْمِ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ، وَأَقْرَأْنَاهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟» فَسُئِلَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ هَذَا