وَخَرَّجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِيطِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ فِي حَائِطِهِ نَخْلَةٌ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَكَانَ صَاحِبُ النَّخْلَةِ لَا يَرِيمُهَا غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ: خُذْ مِنْهُ نَخْلَةً مِمَّا يَلِي الْحَائِطِ مَكَانَ نَخْلَتِكَ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَخُذْ مِنِّي ثِنْتَيْنِ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَهَبْهَا لِي، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَرَدَّدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُ نَخْلَةً مَكَانَ نَخْلَتِهِ» .
وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ فِي " الْمَرَاسِيلِ " مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: «كَانَ لِأَبِي لُبَابَةَ عِذْقٌ فِي حَائِطِ رَجُلٍ، فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ تَطَأُ حَائِطِي إِلَى عِذْقِكَ، فَأَنَا أُعْطِيكَ مِثْلَهُ فِي حَائِطِكَ، وَأَخْرِجْهُ عَنِّي، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، خُذْ مِثْلَ عِذْقِكَ، فَحُزْهَا إِلَى مَالِكَ، وَاكْفُفْ عَنْ صَاحِبِكَ مَا يَكْرَهُ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَأَخْرِجْ لَهُ مِثْلَ عِذْقِهِ إِلَى حَائِطِهِ، ثُمَّ اضْرِبْ فَوْقَ ذَلِكَ بِجِدَارٍ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا ضِرَارَ» .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ إِجْبَارُهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ حَيْثُ كَانَ عَلَى شَرِيكِهِ أَوْ جَارِهِ ضَرَرٌ فِي تَرْكِهِ، وَهَذَا مِثْلُ إِيجَابِ الشُّفْعَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الطَّارِئِ.
وَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الْعِمَارَةِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْعِمَارَةِ، وَعَلَى إِيجَابِ الْبَيْعِ إِذَا تَعَذَّرَتِ الْقِسْمَةُ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ،