عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: «لَا تَعْضِيَةَ فِي الْمِيرَاثِ إِلَّا مَا احْتَمَلَ الْقَسَمَ» وَأَبُو بَكْرٍ: هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَالْحَدِيثُ حِينَئِذٍ مُرْسَلٌ، وَالتَّعْضِيَةُ: هِيَ الْقِسْمَةُ. وَمُتِيَ تَعَذَّرَتِ الْقِسْمَةُ، لِكَوْنِ الْمَقْسُومِ يَتَضَرَّرُ بِقِسْمَتِهِ، وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ، أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَقُسِّمَ الثَّمَنُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ.

وَأَمَّا الثَّانِي - وَهُوَ مَنْعُ الْجَارِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، وَالِارْتِفَاقِ بِهِ - فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِمَنِ انْتَفَعَ بِمِلْكِهِ، فَلَهُ الْمَنْعُ كَمَنْ لَهُ جِدَارٌ وَاهٍ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُطْرَحَ عَلَيْهِ خَشَبٌ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمْكِينُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: لَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِجَارِهِ، قَالَ هُنَا: لِلْجَارِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَمَنْ قَالَ هُنَاكَ بِالْمَنْعِ، فَاخْتَلَفُوا هَاهُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ هَاهُنَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي طَرْحِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ دَارِ جَارِهِ، وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ، وَحَكَاهُ مَالِكٌ عَنْ بَعْضِ قُضَاةِ الْمَدِينَةِ.

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015