قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعُ فِي الْفَرَائِضِ " أَنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ " خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمُكَلَّفِينَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَاةِ، وَنَوْعٌ يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهَذَا هُوَ الْفَرَائِضُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْفَرَائِضُ ثُلُثُ الْعِلْمِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الَّذِي خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: " «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ» . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ نِصْفُ الْوُضُوءِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْوُضُوءَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ، وَالثَّانِي مَأْخُوذٌ مِنَ السُّنَّةِ، وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ، أَوْ أَرَادَ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ يُطَهِّرَانِ بَاطِنَ الْجَسَدِ، وَغَسْلَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ يُطَهِّرُ ظَاهِرَهُ، فَهُمَا نِصْفَانِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ. وَجَاءَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ