الْمَرْوَزِيُّ فِي " كِتَابِ الصَّلَاةِ " عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوْيَهْ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَأَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ " لَا أَدْرِي " نِصْفُ الْعِلْمِ: إِنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ " أَدْرِي وَلَا أَدْرِي "، فَأَحَدُهُمَا نِصْفُ الْآخَرِ. قُلْتُ: كُلُّ شَيْءٍ كَانَ تَحْتَهُ نَوْعَانِ: فَأَحَدُهُمَا نِصْفٌ لَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَدَدُ النَّوْعَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَزِيدَ مِنَ الْآخَرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا حَدِيثُ " «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» " وَالْمُرَادُ: قِرَاءَةُ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا فَسَرَّهَا بِالْفَاتِحَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَقْسُومَةٌ لِلْعِبَادَةِ وَالْمَسْأَلَةِ، فَالْعِبَادَةُ حَقُّ الرَّبِّ وَالْمَسْأَلَةُ حَقُّ الْعَبْدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ قِسْمَةَ كَلِمَاتِهَا عَلَى السَّوَاءِ. وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْخَطَّابِيُّ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الْعَرَبِ: نِصْفُ السَّنَةِ سَفَرٌ، وَنِصْفُهَا حَضَرٌ، قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى تَسَاوِي الزَّمَانَيْنِ فِيهِمَا، لَكِنْ عَلَى انْقِسَامِ الزَّمَانَيْنِ لَهُمَا، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مُدَّتَاهُمَا، وَبِقَوْلِ شُرَيْحٍ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ - قَالَ: أَصْبَحْتُ وَنِصْفُ النَّاسِ عَلَيَّ غَضْبَانُ، يُرِيدُ أَنَّ النَّاسَ بَيْنَ مَحْكُومٍ لَهُ وَمَحْكُومٍ عَلَيْهِ، فَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَالْمَحْكُومُ لَهُ رَاضٍ عَنْهُ، فَهُمَا حِزْبَانِ مُخْتَلِفَانِ. وَيَقُولُ الشَّاعِرُ:
إِذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَيْنِ شَامِتٌ ... بِمَوْتِي وَمُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَفْعَلُ
وَمُرَادُهُ أَنَّهُمْ يَنْقَسِمُونَ قِسْمَيْنِ.