النَّاسِ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ الْمُجْتَهِدَ فَلْيَكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا عَبَدَ الْعَابِدُونَ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ تَرْكِ مَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَرَدَ مِنْ تَفْضِيلِ تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ، إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ عَلَى نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ، وَإِلَّا فَجِنْسُ الْأَعْمَالِ الْوَاجِبَاتِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ، لِأَنَّ الْأَعْمَالَ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا، وَالْمَحَارِمَ الْمَطْلُوبُ عَدَمُهَا، وَلِذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ، وَلِذَلِكَ كَانَ جِنْسُ تَرْكِ الْأَعْمَالِ قَدْ تَكُونُ كُفْرًا كَتَرْكِ التَّوْحِيدِ، وَكَتَرْكِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْضِهَا عَلَى مَا سَبَقَ، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ الْمَنْهِيَّاتِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ بِنَفْسِهِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: لَرَدُّ دَانِقٍ مِنْ حَرَامٍ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ تُنْفَقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: تَرْكُ دَانَقٍ مِمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ حَجَّةٍ. وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: ذِكْرُ اللَّهِ بِاللِّسَانِ حَسَنٌ وَأَفْضَلُ مِنْهُ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ الْعَبْدُ