5029 - (د ت س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو يُسألُ عن الماء يكون في الفَلاةِ من الأرض وما يَنُوبُهُ من الدَّواب والسِّباع؟ فقال: إذا كان الماءُ قُلَّتَيْن لم يحمل الْخَبَث» أخرجه أبو داود والترمذي.
وفي أخرى لأبي داود: «فإنه لا يَنجُس» . -[65]-
وفي رواية النسائي قال: «سئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الماء ... » وذكر الرواية الأولى (?) .
S (يَنُوبه) ناب المكان وانتابه، ينوبه وينتابه: إذا تردَّد إليه مرة بعد مرة، ونَوْبَة بعد نَوْبَة.
(قُلَّتين) القُلَّة: إناء للعرب كالجرَّة الكبيرة، أو الحُبّ، وهي معروفة بالحجاز وهَجَر، تسع القُلَّة مَزَادة من الماء، وقد قدَّرها الفقهاء مائتين وخمسين رطلاً إلى ثلاثمائة.
(يَحْمِل الخبث) أي: يدفعه عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضَّيم: إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه.
قال الخطابي: وقد استدل بهذا الحديث من يرى سُؤر السباع نجساً لقوله: «وما ينوبه من السِّباع» أي: يطرقه، ويرده، إذ لولا أن شرب السباع منه ينجسه لما كان لسؤالهم عنه ولا لجوابه إياهم بتقدير القُلَّتين معنى.
وقيل: معنى قوله: «لم يَحْمِل الخَبَث» أي: أنه إذا كان قُلَّتين لم يحتمل -[66]- أن يكون فيه نجاسة، لأنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأول قد قصد أول مقادير المياه التي لا تنجُس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني: قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القِلَّة إلى القُلَّتين، فحينئذ تكون القُلَّتان إذا وقعت فيهما النجاسة نجستين، فإذا زادتا على القُلَّتين احتملتا النجاسة، وهذا هو على خلاف المذهب، فإن من ذهب إلى تحديد الماء بالقُلَّتين، - وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى - إنما أراد: أنه إذا كان قُلَّتين، ووقعت فيه نجاسة لم تُغَيِّر لونه، ولا طعمه ولا رِيحَه، فإنه لا ينجُس، وأما على التأويل الآخر، فليس مذهباً له.