جامع الاصول (صفحة 1629)

1414 - (خ م د س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كانوا يَرَونَ (?) العمرةَ في أشهر الحجِّ من أَفْجرِ الْفُجُورِ في الأَرض، -[135]- وكانوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمُ صفَر (?) ، ويقولون: إذا بَرَأ الدَّبَرْ، وعَفَا الأَثَرْ، وانْسَلَخَ صَفَرْ: حَلَّتِ العمرةُ لمن اعتَمَرْ، قال: فقَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ صَبيحَةَ رابعَةٍ، مُهلِّينَ بالحجِّ، فأمرَهُمْ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أن يَجْعَلُوها عُمْرَةً، فَتَعَاَظَمَ ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أيُّ الْحِلِّ؟ قال: الحِلُّ كُلُّهُ» .

قال البخاري: قال ابن المديني: قال لنا سفيان: «كان عَمْرو يقول: إنَّ هذا الحديث له شأْنٌ» . -[136]-

وفي أخرى قال: «قَدِمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ لِصُبْحِ رِابِعَةٍ يُلَبُّونَ بالحجِّ، فأمرهم: أن يجعلوها عمرةً، إلا من معه هَدْيٌ» .

وفي أخرى قال: «أَهلَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فقدِمَ لأربَعٍ مَضَيْنَ من ذي الحِجَّةِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، وقال -حين صلى -: مَنْ شَاء أن يَجْعلها عمرةً فليجعلها عمرةً» .

ومنهم من قال: «فصلَّى الصبحَ بالْبَطْحَاءِ» .

ومنهم من قال: «بذِي طوىً» (?) .

هذه روايات البخاري ومسلم.

وعند مسلم أيضاً قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «هذه عمرة اسْتمْتَعْنا بها، فمن لم يكنْ معه الهديُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَإنَّ العمرةَ قد دخلتْ في الحجِّ إلى يوم القيامةِ» .

وأخرج أبو داود الرواية الأولى من الْمُتَّفَقِ، وأخرج الرواية التي انفرد بها مسلم.

وأخرج أخرى قال: «والله، ما أعْمَرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة في ذي -[137]- الحجَّةِ إلا ليَقطَعْ بذاك أمْرَ أهْل الشِّركِ، فإنَّ هذا الحيَّ من قُرَيشٍ ومَن دَانَ بِدِينهم،، كانُوا يقَولُونَ: إذاَ عَفَا الْوَبَرْ، وبَرَأ الدَّبَرْ، ودَخَلَ صَفَرْ، فقد حَلَّتِ العمرةُ لمن اعْتَمَرْ، فكانُوا يُحَرِّمُونَ العمرةَ، حتَّى يَنْسَلِخَ ذُو الحِجة والمحرم» .

وله في أخرى: قال: «أهَلَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-[بالحج] ، فلما قَدِمَ، طاف بالبَيْتِ، وبين الصفا والمروةِ - قال ابن شَوْكَرٍ: ولم يُقَصِّرْ، ثم أتَّفَقَا - قال: ولم يَحِلَّ من أجْلِ الهدْي، وأمَرَ مَنْ لَمْ يكن ساقَ الْهَدْيَ: أنْ يَطُوفَ ويَسْعَى، ويُقَصِّرِ، ثم يَحِلَّ- قال ابن منيع في حديثه: أو يَحْلِق، ثُمَّ يَحِلَّ» .

وأخرج النسائيُّ الرِّوَايَةَ الأُولى، وقال: «عَفَا الْوَبَرْ» . بَدَلَ «الأثر» .

وزاد بعد قوله: «وانْسَلَخَ صَفَر» أو قال: «دخَلَ صفر» .

وأخرج الرواية التي انفرد بها مسلم.

وفي أخرى للنسائي قال: «أَهَلَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالعمرةِ، وأهَلَّ أصْحَابُهُ بالحجِّ، وأمر من لم يَكُنْ معه الهديُ: أن يَحِلَّ، وكان فيمن لم يكن معه الهديُ: طَلْحةُ بنُ عُبيد الله، ورجلٌ آخر، فَأحَلا» .

وفي أخرى له قال: «قَدِمَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ لصبْحِ رابعةٍ، وهم -[138]- يُلَبُّونَ بالحجِّ، فأَمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يَحِلُّوا» .

وفي أخرى له «لأرَبعٍ مَضَيْنَ من ذي الحِجَّةِ، وقد أهَلَّ بالحج وصلَّى الصبحَ بالبَطْحَاءِ، وقال: مَنْ شَاءَ أن يَجْعَلها عمرةً فَلْيَفْعَلْ» .

وأخرج الترمذيُّ من هذا الحديث طرفاً يسيراً: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «دخَلتِ العمرةُ في الحج إلى يوم الْقِيامَةِ» .

وحيث اقْتصَرَ على هذا القدر منه لم أُثبِت له علامة، وقنعْتُ بالتنبيه عليه في المتن (?) .

S (ليلة الحصبة) : التحصيب: النوم بالشعب الذي مخرجه إلى الأبطح ساعة من الليل، وكان موضعاً نزله النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير أن يسنه للناس، فمن شاء حصب، ومن شاء لم يُحَصِّب. والمحصب أيضاً: موضع الجمار بمنى، وليس هذا. -[139]-

(أفجر الفجور) : الفجور: الميل عن الواجب يقال للكاذب: فاجر، وللمكذب بالحق: فاجر.

(برأ الدَّبَر) : الدَّبَر: جمع دَبْرَة وهي العقر في ظهر البعير. تقول: دبر البعير بالكسر وأدْبره القَتَب.

(عفا) الشيء: إذا زاد وكثر ونما. والوبر: وبر الإبل. وأما الرواية الأخرى وهي «عفا الأثر» : فإن عفا بمعنى درس.

(حلّت العُمرة لمن اعتمر) : كانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم حتى تنسلخ، فذلك معنى قوله: «ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر» لأن بدخول صفر تنسلخ الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.

(دان بدينهم) : الدِّين: الطاعة. ودان فلان بدِين كذا: أخذ به وتابعه واقتدى به.

(دخلت العمرة في الحج) : قال الخطابي: اختلف الناس في تأويل ذلك. فقالت طائفة: إن العمرة واجبة، وإليه ذهب الشافعي، وقال أصحاب الرأي: ليست واجبة، واستدلوا على ذلك بقوله: «دخلت العمرة في الحج» فسقط فرضها بالحج. وقال الموجبون: إن عملها قد دخل في عمل الحج. فلا نرى على القارن أكثر من إحرام واحد. وقيل: بل معناه: أنها قد دخلت في وقت الحج وشهوره. وكان أهل الجاهلية لا يعتمرون في -[140]- أشهر الحج. فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015