1415 - (خ م ط د س) عائشة -رضي الله عنها- قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أشهر الحج، وليالي الحج، وحُرُمِ الحج (?) . فَنَزْلْنَا بِسَرِفَ، قالت: فخرج إلى أصحابه، فقال: من لم يكن مِنْكُم مَعَهُ هَدْيٌ فأحبَّ أنْ يَجْعلَها عُمْرة فليفعلْ، ومن كان مَعَهُ الهدي فلا، قالت: فالآخذُ بها، والتَّارِكُ لها من أصحابه، قالت: فأمَّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجالٌ من أصحابهِ، فكانُوا أهْلَ قُوَّةٍ، وكان معهم الهديُ، فلم يَقْدِروا على العمرةِ (?) ، فَدَخَلَ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: ما يُبْكِيكِ يا هَنتَاهُ؟ قُلْتُ: سمعتُ قولَك لأصحابك: فمُنِعْتُ العمرةَ، قال: وما شأْنُكِ؟ قُلْتُ: لا أُصَلِّي، قال: فلا يَضُرُّكِ، إنما أَنْتِ امرأةٌ من بنَات آدَمَ، كَتب اللَّه عليكِ ما كتبَ عليهنَّ، فَكُوني في حَجِّكِ، فَعَسَى الله أن يَرْزُقَكِيها، قالت: فَخَرجْنا في حَجَّتهِ» . -[141]-
وفي روايةٍ: «فخرجت في حَجَّتي، حتَّى قدْمنا مِنى، فَطَهُرْتُ، ثم خَرَجْت من منى، فأفضْت بالبَيت، قالت: ثم خرجت معه في النَّفْر الآخر، حتَّى نَزَل الْمُحَصَّبَ (?) ، ونزلنا معه، فدعا عبدَ الرحمن بن أبي بَكْرٍ، فقال: اخرُج بأُخْتِكَ من الحرَمِ، فَلْتُهلَّ بِعُمْرَةٍ، ثم افْرُغا، ثم أئْتِيا هَاهُنا، فإني أَنْظِرُكما حتى تأتِيا، قالت: فخرجنا، حتَّى إذا فرْغتُ من الطوافِ جئْتُهُ بسَحَرٍ، فقال: هل فَرَغتُمْ؟ قلت: نَعَمْ، فأذَّنَ بالرحيل في أصحابِهِ، فارتحلَ الناسُ، فمرَّ متوجهاً إلى المدينة» .
وفي أخرى نحوه، وفي آخره: «فأذّنَ في أصحابِهِ بالرحيلِ، فَخرج، فمرَّ بالبيت، فطافَ بِهِ قَبْلَ صلاةِ الصُّبْحِ، ثم خرج إلى المدينة» .
وفي أخرى قالت: «خرجْنا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لا نذكْرُ إلا الحج، حتَّى جِئْنا سَرِفَ، فَطَمِثْتُ، فدخلَ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال: مايُبْكِيكِ؟ فقلتُ: والله لَوِدِدتُ: أنِّي لم أَكُنْ خَرجْتُ العامَ، فقال: مالَكِ، لَعَلَّكِ نَفِسْتِ (?) ؟ قلت: نعم. قال هذا شيءٌ كَتَبَهُ الله على -[142]- بَنَاتِ آدَمَ. افْعَلي ما يفعلُ الحاجُّ، غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبيْتِ حتى تَطْهري، قالت: فلما قدمتُ مَكَّةَ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اجْعَلُوها عُمْرةً، فأحَلَّ النَّاسُ، إلا من كان معه الهدْي. قالت: فكان الهدْيُ مع رسول الله وأبي بكرٍ وعمرَ، وذَوي الْيَسَارَةِ، ثم أَهَلُّوا حين أراحُوا، قالت: فلما كان يوم النَّحر طهُرت فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفَضْتُ. قالت: فأُتِينا بلحم بقرٍ. فقلتُ: ما هذا؟ فقالوا: أَهْدَى رسولُ الله عن نسائِهِ بالبقر، فلما كانتْ لَيْلَةُ الحصبَةِ قُلْتُ: يا رسول الله، أَيرجِع النَّاسُ بِحَجَّةٍ وعمرةٍ، وأرجِع بِحَجَّةٍ؟ قالت: فأمَرَ عبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكرٍ، فأرْدَفَني على جَمَلِهِ، قالت: فإني لأذكُرُ، وأَنا حديثةُ السِّنِّ أَنْعَسُ فيصيبُ وُجْهي مُؤخَّرَةَ الرَّحْلِ - حتَّى جئنا إلى التَّنعيم، فأَهْلَلْنا منها بعُمْرَةٍ، جزاء بِعُمْرَةِ الناس الَّتي اعْتَمَرُوا» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجَّةِ الودَاعِ، فمنَّا مَنْ أَهَلَّ بعمرةٍ، ومنَّا مَنْ أهلَّ بحج. فَقَدِمْنا مَكَّةَ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أحرمَ بعمرةٍ، ولم يُهْدِ، فَلْيَحلِلْ، ومن أحرم بِعُمْرةٍ وأهْدَى، -[143]- فلا يَحْلِلْ حتَّى يَحِلَّ نَحْرُ هدْيِهِ، ومن أهل بحج فلْيُتمَّ حجَّهُ، قالَتْ: فحِضْتُ، فلم أزلْ حائضاً حتَّى كان يومُ عرفةَ، ولم أُهْلِلْ إلا بعمرَةٍ، فأمَرَني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أنْ أَنْقُضَ رَأْسي، وأَمْتَشط وأُهِلَّ بالحج وأتركَ العمرةَ. ففعلتُ ذلك، حتَّى قضيتُ حَجِّي، فبعثَ معي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأمرني: أن أعتمرَ مكانَ عمرتي من التنعيم» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حِجَّةِ الوداعِ، فأَهْلَلْنا بعُمرَةٍ، ثم قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانَ معه هدْي فَلْيُهلَّ بالحج مع العمرة، ثم لا يَحلُّ حتى يَحِلَّ منهما جَمِيعاً. فقدمْتُ مَكَّة - وأنا حائض- ولم أَطُفْ بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشَكوتُ ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: انْقُضي رأْسَكِ وامْتَشِطِي، وأهِلِّي بالحج، ودعي العمرةَ، قالت: ففعلتُ. فلما قَضَيْنا الحج، أرَسلَني رسولُ الله مع عبد الرحمن بن أبي بكرٍ إلى التَّنعيم فاعتمرتُ، فقال: هذه مكانَ عمرتكِ، قالت: فطاف الذين كانوا أَهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصَّفا والمروةِ، ثم حَلُّوا، ثم طافُوا طوافاً آخر، بعد أنْ رَجعوا من مِنى لحجِّهم. وأمَّا الذين جمعوا الحج والعمرةَ. طافوا طوافاً واحداً» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: مَنْ أراد منكم أن يُهلَّ بحج وعمرةٍ فليفعل، ومن أراد أن يُهلَّ بحج فَلْيُهلَّ، ومن -[144]- أراد أن يُهِلَّ بعمرة فليُهلَّ، قالتْ عائشةُ: فأهلَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بحج، وأَهلَّ به ناسٌ مَعَهُ، وأهَلَّ معه ناس بالعمرة والحج، وأهلَّ ناسٌ بعمرةٍ، وكُنْت فيمن أهلَّ بعمرةٍ» .
وفي أخرى قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُوافين لِهلالِ ذي الحجَّةِ (?) ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: من أحبَّ أنْ يُهِلَّ بعُمْرةٍ فليُهِلَّ، ومن أحبَّ أن يُهِلَّ بحَجَّة فليهل، فلولا أنِّي أهْدَيْت لأَهللت بعُمرةٍ، فمنهم من أهلَّ بعمرةٍ، ومنهم من أهلَّ بحج، وكنت فيمن أهلَّ بعمرة، فَحضْت قبل أن أدْخُل مكة فأدركني يومُ عَرَفةِ وأنا حائض، فشكوتُ ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذكر نحوَ ما سبق.
وقال في آخره: «فَقَضَى اللهُ حَجَّها وعُمرَتَها، ولم يكن في شيءٍ من ذلك هديٌ ولا صدقة، ولا صومٌ» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمنا من أَهَلَّ بعمرةٍ، ومِنَّا مَنْ أهَلَّ بحج وعمرةٍ، ومنَّا من أهل بحج وأهلَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج فأمَّا من أهَلَّ بعمرةٍ: فَحَلَّ. وأما من أهل بحج، أو جَمَعَ الحج والعمرة: فلم يَحلُّوا حتى كان يومُ النحر» . -[145]-
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا نَرَى إلا أَنهُ الحجُّ، فلما قَدِمنا [مَكَّةَ] تطَوَّفْنَا بالبيت، فأمر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يكن ساقَ الْهَدي أن يَحِلَّ، قالت: فَحَلَّ من لم يكن ساقَ الهديَ، ونِساؤه لم يَسُقْن الهَدْيَ فأحْلَلْنَ. قالت عائشةُ: فَحِضْت فلم أطُف بالبيت، فلَمَّا كانت ليلةُ الحَصْبَةِ، قلت: يا رسول الله يرجعُ النَّاس بِحجَّةٍ وعمرةٍ، وأرجِعُ أنا بِحَجَّة؟ قال: أوَ ما كُنْتِ طُفْتِ لَيَاليَ قَدمنا مَكَّةَ؟ قلت: لا. قال: فَاذْهبي مع أخيك إلى التَّنعيم فأهلِّي بعُمرَةٍ، ثُمَّ مَوْعدُك مكان كذا وكذا، قالت صفيَّةُ: ما أرَاني إلا حابسَتَكُمْ، قال: عَقْرَى حَلْقى، أو ما كُنْتِ طُفْتِ يوم النَّحرِ؟ قالت بَلَى، قال: لا بأس عليك، انْفُري. قالت عائشة: فَلَقيَني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مُصْعِدٌ من مَكَّة، وأنا مُنهَبِطَةٌ عليها - أو أنا مُصْعِدة، وهو مُنْهَبِطٌ منها» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نُلَبِّي، لاَ نَذْكُرُ حجّاً ولا عُمْرة ... » وذكر الحديث بمعناه.
وفي أخرى قالت: «قلت: يا رسولَ الله، يصْدُرُ النَّاسُ بنُسُكَينِ، وأصْدُرُ بِنُسُكٍ واحدٍ؟ قال: انتَظِري، فإذا طَهُرْتِ فاخْرُجِي إلى التَّنعيم، فأهِلّي مِنْهُ، ثمَّ ائْتيا بمكانِ كذا، ولكنها على قدر نَفَقَتِك، أو نَصَبِكِ» . -[146]-
وفي أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخمسٍ بقينَ من ذي القَعدة، ولا نُرَى إلا أنَّه الحجُّ (?) ، فلما كُنَّا بِسَرفَ حِضْت، حتَّى إذا دَنَوْنَا من مَكَّةَ: أمرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَنْ لَمْ يَكن معه هَدْيٌ - إذا طَافَ بالبَيْت وبين الصَّفا والمروة - أنْ يَحلَّ، قالت عائشةُ: فدُخِلَ علينا يومَ النَّحْرِ بِلَحمِ بَقَرٍ، فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذَبَح رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أزْواجِهِ» .
وفي أخرى قالت: «خرجنا لا نُرَى إلا الحجَّ، فلما كُنَّا بِسَرِفَ أو قريباً (?) منها حضْت، فدخَلَ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال مَالَكِ: أنَفِسْتِ؟ قلت: نعم، قال: إنَّ هذا أمرٌ كَتَبَهُ اللهُ على بناتِ آدَمَ، فَاقْضي ما يَقْضي الحاجُّ، غيْرَ أنْ لا تَطُوفي بالبيت، قالت: وَضَحَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن نِسَائِهِ بالبقر» .
هذه رواياتُ البخاري ومسلم.
وللبخاري أطرافٌ من هذا الحديث، قالت عائشةُ: «منَّا مَنْ أهَلَّ -[147]- بالحج مُفْرداً، ومنَّا مَنْ قرَنَ، ومنَا من تَمَتَّعَ» .
وفي رواية قال: «جاءتْ عائشةُ حاجَّة» لم يزدْ.
وفي روايةٍ قالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- «لو استَقبَلْتُ. من أمري ما اسْتَدْبَرْتُ، ما سُقْتُ الهديَ، ولَحَلَلْتُ مع النَّاسِ حيثُ حَلُّوا» .
وفي رواية أنها قالت: «يا رسولَ الله، اعْتَمَرتَ ولم أَعْتَمِرْ؟ فقال: يا عبدَ الرحْمنِ، اذهب بأُخْتِكَ، فَأعْمِرْها من التَّنعيم، فأحقَبهَا على نَاقَةٍ فاعْتَمرَتْ» .
وفي رواية: «أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بعثَ معها أخَاهَا عبدَ الرحمن، فأعمرها من التنعيم، وحملها على قَتَبٍ» .
وفي أخرى زيادة «وانتظرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأَعلى مَكَّةَ حتَى جَاءتْ» .
ولمسلم أيضاً أطراف من هذا الحديث، قالت: «قدم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لأربَعٍ مَضَينَ من ذي الحجَّةِ - أو خَمسٍ - فدخلَ عليَّ وهو غَضْبَانُ، فقلت: مَنْ أغضَبَكَ؟ -أدْخَلَهُ اللهُ النَّار - قال: أوَ مَا شَعَرْت: أنِّي أَمرتُ النَّاس بأمْرٍ، فإذا هم يَتَرَدَّدُونَ، ولو أني -[148]- استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقتُ الهديَ معي، حتى أَشتريَه، ثم أحِلَّ كما حَلُّوا» .
وفي رواية «أنها أهَلَّتْ بعمرةٍ فقَدِمتْ، فلم تَطُفْ بالبَيْتِ، حتَّى حَاضَتُ، فَنَسَكَتِ الْمَناسِكَ كُلَّها، وقد أهلَّت بالحج، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ: يَسَعُكِ طوافُكِ لِحَجِّكِ وعُمْرَتِكِ؟ فأبَت، فَبَعَثَ بها مع عبد الرحمن إلى التَّنعيم، فاعتمرتْ بعد الحج» .
وفي رواية: أنها قالت: «يا رسول الله، أيَرْجعُ النَّاسُ بأجْرَيْنِ وأرجِع بأجر؟ فأمَرَ عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرٍ: أن ينْطلِقَ بها إلى التَّنعيم، قالت: فأرْدَفَني خلْفَهُ على جَمَلٍ له، قالت: فَجَعَلْتُ أرفَعُ خِمَاري، أحْسرُهُ عَنْ عُنُقي، فَيَضْرِبُ رِجْلي بِعِلَّةِ الرَّاحلَةِ (?) ، فقلت: له وهل ترى من أحدٍ؟ -[149]- قالت: فأهللتُ بعمرةٍ، ثم أقْبَلْنا حتى أنْتَهَينا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بالْحَصْبَةِ» .
وأخرج الموطأ من هذه الروايات: الرواية الخامسة والثامنةَ والثانيةَ عشرة من المتفق بين البخاري ومسلم.
وله في أخرى قالت: «قدمت مَكَّة وأنا حائضٌ، فلم أطُفْ بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: افْعلي مَا يَفْعَلُ الحاجُّ، غيرَ أن لا تَطُوفي بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، حتى تطهري» .
وأخرج أبو داود من هذه الروايات: الرواية الأولى من أفراد مسلم، والثالثة والخامسةَ والسابعة والثَّامِنةَ من المتفق بين البخاري ومسلم.
وله في أخرى قالت: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نَرَى إلا أنَّهُ الحج، فلما قدمنا طُفْنا بالبيت، فأمرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لم يَكُنْ ساقَ الهديَ: أن يَحِلَّ، فَحَلَّ من لم يكن ساقَ الهديَ» . -[150]-
وفي أخرى مثل الثامنة، وأسقط منها: «فَأمَّا مَنْ أَهَلَّ بعُمْرَةٍ فحلَّ» .
وفي أخرى: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو استقبلتُ من أمْري ما استدْبَرْتُ: لما سُقتُ الهديَ - قال أحدُ رواته: أَحْسِبُه قال: ولَحَللْتُ مع الذين أحلُّوا من العمرة - قال: أراد: أنْ يكون أمْرُ النَّاس وَاحِداً» .
وأخرج النسائي من هذه الروايات: الرواية الرابعة والخامسة، وأخرج من السابعة طرفاً، إلى قوله: «أنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ فَلْيُهِلَّ» .
وأخرج الرواية التاسعة، ومن الثانية عشرة طرفاً، إلى قوله: «إذا طاف بالبيت أن يحِلَّ» . وأخرج الرواية الثالثة عشرة.
وأما الترمذي: فإنه لم يُخرج من هذا الحديث شيئاً إلا طرفاً واحداً قالت: «حِضْت، فأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن أقضي المناسك كلَّها، إلا الطواف بالبيت» .
وحيث اقتصر على هذا الطرف، لم أثبت علامته على الحديث، وقنعت بالتنبيه على ما ذكر منه (?) . -[151]-
S (هَنَتَاهُ) : يا هَنَتَاه، كناية عن البَلَه وقلة المعرفة بالأمور.
(لا يضيرك) : يقال: لا يضرك ولا يضيرك ولا يضِرك بمعنى. وماضي يضير ضارّ، وماضي يضر ضَرّ.
(ويوم النفر الأول) : هو اليوم الثاني من أيام التشريق.
(ويوم النفر الآخر) : هو اليوم الثالث.
(فَطَمِثَت) طمثت المرأة: إذا حاضت.
(ذوي اليسارة) : اليسار واليسارة: الجدّة والغنى.
(عقرَى حَلْقى) : معنى «عقرى» عقرها الله تعالى، ومعنى «حلْقى» : حلقها. أي أصابها بالعقر وبوجع في حلقها. كما يقال: رأسها. أي أصابها في رأسها، وقيل: يقال للمرأة عَقْرَى حلقى أي مشؤومة مؤذية، وكذا يرويه المحدثون غير مُنَوَّن، وهو عند أهل اللغة منون.
(لو استقْبَلْتُ من أمري ما اسْتَدْبَرْتُ ما سقتُ الهدي) : يقول: -[152]- لو عَنّ لي هذا الرأي الذي رأيته آخِراً وأمرتكم به في أول أمري لما سقت الهدي معي. أي لما جعلت عليّ هدياً وأشعرته وقلّدته وسقته بين يدي. فإنه إذا ساق الهدي لا يحل حتى ينحره، ولا ينحر إلا يوم النحر، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة، فمن لم يكن معه هدي لا يلتزم هذا، ويجوز له فسخ الحج.
قال الخطابي: إنما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا القول لأصحابه تطييباً لقلوبهم، وذلك أنه كان يشق عليهم أن يحلوا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- محرم، ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ويتركوا الاقتداء به، فقال عند ذلك هذا القول لئلا يجدوا في أنفسهم، وليعلموا: أن الأفضل لهم ما دعاهم إليه.
قال: وقد يستدل بهذا من يرى أن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من الإفراد والقران.
وقيل: بل كان قوله هذا مع تطييب قلوب أصحابه: دلالة على الجواز، وأن ما فعلوه جائز، وأنني لولا الهدي لفعلته.
(فأحقبها) : أي: أردفها. والمحقب: المردف.
(النسك) : ما يتقرب به إلى الله تعالى، وأرادت به ها هنا: الحج والعمرة.
(أحسره) : حسرت اللثام عن وجهي: إذا كشفت وجهك.
(بعلّة الراحلة) : أي: بسببها، يظهر أنه يضرب جنب البعير برجله. ومراده: عائشة رضي الله عنها.