جامع الاصول (صفحة 1628)

1413 - (خ م د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «أهلَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأَصحابُهُ بالحجِّ، وليس مع أَحدٍ منهم هديٌ غير النبيِّ وطَلْحَةَ، فقَدِمَ عليٌّ من اليمن مَعَهُ هديٌ، فقال: أَهللتُ بما أهلَّ به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فأمَرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه: أن يَجْعَلُوهَا عمرةً ويَطُوفُوا، ثم يُقَصِّروا (?) ويَحلُّوا، إلا مَنْ كانَ مَعَهُ الهدْيُ، فقالُوا: نَنْطَلِقُ إلى مِنى وذكَرُ أحدِنا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: لو اسْتَقْبَلْتُ من أَمْرِي ما استدْبَرتُ مَا أَهديْتُ (?) ، ولولاَ أنَّ مَعي الهدي لأحلَلْتُ. وحاضَتْ عائشَةُ، فَنَسَكَتِ المْنَاسِكَ كُلَّها، غيْرَ أنْ لم تَطُفْ بالْبَيْتِ، فلما طافتْ -[128]- بالبيْتِ، قالت: يا رسول الله، تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وعمرةٍ، وَأنْطَلِقُ بحَجٍّ؟ فَأمَرَ عَبْدَ الرَّحمن بنَ أبي بكرٍ: أن يَخْرُجَ معها إلى التَّنْعيم، فاعْتَمَرتْ بعد الحجِّ» . هذه رواية البخاري ومسلم.

وفي رواية للبخاري «أنَّهُ حَجَّ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يوم ساَقَ الهديَ معه، وقد أَهلُّوا بالحجِّ مُفْرداً، فقال لهم: أحِلُّوا من إحْرامكم، واجْعَلُوا الَّتي قَدمتُمْ بِها مُتْعَة (?) ، فقالوا: كيفَ نجْعَلُها مُتْعَة وقد سمَّيْنَا الحج؟ فقال: افْعَلُوا ما أقولُ لكم، فلولا أنِّي سُقْتُ الهدْي لَفَعَلْتُ مثْلَ الذي أمرتُكُمْ، ولكن لا يحلُّ مني حَرَامٌ حَتَّى يَبْلغَ الهديُ مَحلَّهُ. فَفَعَلُوا» .

وفي رواية له نحوه، وفيه «وقدمْنا مَكَّة لأرْبَعٍ خَلَوْنَ مَنْ ذي الحِجَّةِ، فأمَرنَا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أنْ نَطُوفَ بالْبيْت وبالصَّفا والمروة، ونَجْعَلَها عمْرة ونَحِلَّ، إلا مَنْ معه هديٌ» .

وفيه «ولَقِيَهُ سُراقَةُ بنُ مالكٍ وهو يرمي الْجَمْرةَ بالْعَقَبَةَ، فقال: يا رسولَ الله، ألَنا هذه خاصة؟ قال: بل للأبد - وذكر قصة عائشة، واعتمارها من التَّنْعيم» . -[129]-

وفي أخرى له قال: «أهْلَلْنَا -أصحابَ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- بالحجِّ خَالِصاً وَحْدَهُ. فقَدِم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صُبْحَ رَابِعةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّة، فأمَرَنَا: أَنْ نَحِلَّ» .

وذكر نحوه، وقولَ سراقة، ولم يذكر قصة عائشة،

وفي أخرى له: قال «أَهْلَلْنَا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحجِّ. فلما قدمنا مكة: أمرَنا أن نَحِلَّ ونَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا، وضاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا، فبَلَغَ ذَلِكَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فما نَدْرِي أشيءٌ بلَغَهُ من السَّماءِ، أمْ شيءٌ من قِبَلِ الناس؟ فقال: يا أيها الناسُ أحِلُّوا، فلولا الهدْيُ الذي مَعي فعلتُ كما فَعَلْتُمْ، قال: فأحْلَلْنَا، حتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ، وفعَلْنَا ما يَفْعَلُ الْحَلالُ. حتى إذَا كان يومُ التَرْوِيَةِ، وجَعَلْنَا مَكَّة بِظَهْرٍ: أهْلَلْنا بالحجِّ» .

وفي أخرى للبخاري ومسلم مختصراً، قال: «قَدِمْنَا مَعَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نقول: لَبَّيكَ بالحجِّ، فأمرَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَجَعلْناهَا عُمْرَة» .

وفي روايةٍ لمسلمٍ: قال: «أقْبَلْنَا مُهِلَّينَ مَعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحجٍّ مُفْرَدٍ، وأقْبَلَت عائشَةُ بِعُمْرةٍ، حتى إذا كُنَّا بِسَرِفَ عَركت، حتى إذا قَدِمْنَا طُفْنا بالْكَعْبةِ والصّفَا والمروةِ، فأمرنَا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أنْ يَحِلَّ مِنَّا منْ لم يَكُنْ معه هَدْيٌ، قال: فَقُلْنَا: حِلُّ ماذا؟ قال: الحلُّ كلُّهُ، فَوَاقَعْنَا -[130]- النِّسَاءَ، وتَطَيَّبْنَا بالطِّيبِ، ولَبِسْنَا ثِيَاباً (?) ، وليس بَيْننا وبَيْنَ عَرَفَةَ إلا أربَعُ ليالٍ، ثم أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثم دخلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على عائشةَ، فوجَدَها تَبْكي، فقال: ما شأْنُكِ؟ قالت: شَأني أَنِّي قد حضْتُ، وقد حَلَّ الناسُ، ولم أحْلِلْ، ولم أطُفْ بالبَيْتِ، والنَّاس يَذْهَبُونَ إلى الحجِّ الآنَ. فقال: إنَّ هذا أَمْرٌ كَتَبَهُ الله على بَنَاتِ آدَم، فَاغْتَسلي، ثم أهِلِّي بالحجِّ. ففعلتْ، ووقَفَتِ المواقِفَ كلَّها، حتَّى إذاَ طَهُرَتْ طافَتْ بالكعبة والصَّفا والمروَةِ، ثم قال: قد حلَلْتِ من حجَّكِ وعُمْرَتكِ جميعاً، فقالت: يا رسول الله، إنِّي أجدُ في نفسي: أنِّي لم أطُفْ بالبيت حينَ حجَجْتُ (?) ، قال: فَاذْهَبْ بها يا عبدَ الرحمن، فأَعْمرْها من التَّنْعيم (?) وذلك لَيْلَةَ الْحَصبَةِ (?) » .

زاد في رواية «وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً سَهْلاً، إذا هَويَتِ الشَّيء تابَعَهَا عليه» .

وفي أخرى لمسلم نحوه، وقال: «فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أهْلَلْنَا -[131]- بالحج، وكَفَانا الطَّواف الأولُ بين الصفا والمروةِ، وأمرَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشْتَرِكَ في الإبلِ والبقرِ: كُلُّ سَبْعةٍ منَّا في بَدَنَةٍ» .

وفي أخرى له عن عطاء قال: سمعت جابر بن عبد الله في ناس معي، قال: «أهْلَلْنا- أَصحابَ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- (?) بالحج خالصاً وحده، قال عطاء: قال جابر: فقَدِم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صُبْحَ رابِعَةٍ من ذي الحِجَّةِ، فأمرنا أن نَحِلَّ - قال عطاء-: قال: حِلُّوا وأصَيبوا النساء. قال عطاء: ولم يَعْزِم عليهم، ولكن أحَلَّهُنَّ لهم. فقلنا: لَمَّا لم يكن بيننا وبين عرفةَ إلا خمسٌ، أمرَنا أن نفضي إلى نِسائِنا، فنأَتي عرفةَ تَقْطُرُ مذاكيرُنا الْمَنِيَّ - قال: يقول جابرٌ بيده - كأنِّي أنظر إلى قوله بيده يُحَرِّكُهُا - قال: فقام النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فينا، فقال: قد علمتُمْ: أَنِّي أَتْقَاكُمْ للهِ عز وجلَّ، وأصدقُكُم وأَبرُّكمْ، ولَوْلا هَدْيي لَحَلَلْتُ كما تَحِلُّونَ، ولو اسْتقبلتُ من أمري ما اسْتَدْبَرْتُ لم أَسُقِ الْهَدي، فَحِلُّوا، فَحَلَلْنا، وسَمِعْنا وأطعنا، [قال عطاء:] قال جابرٌ: فَقَدِمَ عليٌّ من سعايَتهِ (?) فقال: بم أَهْلَلْتَ؟ قال: بما أَهلَّ به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: فأهد، -[132]- وامْكُثْ حَرَاماً، [قال] وأهدى له عليٌّ هَدياً، فقال سُراقةُ بْنُ مالكِ بنِ جُعْشُم (?) يا رسول الله، لِعَامِنا هذا، أم لْلأَبَدِ؟ قال للأَبدِ» .

وفي أخرى له قال: «أمرَنا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، لمَّا أَحْلَلْنا: أنْ نُحْرِمَ إذا توّجهْنا إلى منى، قال: فأهْلَلْنا من الأَبطَحِ» .

وفي أخرى له قال: «لم يَطُف النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا أصحابهُ بين الصفا والمروةِ، إلا طوافاً واحداً: طَوَافَهُ الأول» .

وأخرج أبو داود الرواية الأولى، إلا أنه لم يذكر حيض عائشة وعُمرتَها. وأخرج أيضاً الرواية الأولى والثانية من أفراد مسلم.

وأخرج أيضاً أخرى. قال: «أهْلَلْنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج خالصاً، لايُخَالطُهُ شيءٌ. فقَدِمْنَا مكَّةَ لأَربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحِجَّةِ. فَطُفنا وسعينا، فأمرَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ نَحِلَّ، وقال: لولا الهديُ لحَلَلْتُ، فقامَ سُراقةُ بنُ مالكٍ، فقال: يارسولَ الله، أرأيتَ مُتعتنا هذه: -[133]- ألِعامِنا، أم للأَبدِ؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: بل هي للأبد» (?) . -[134]-

وأخرج النسائي الرواية الثالثة والرابعة من أفراد البخاري. والأولى من أفراد مسلم.

وله في أخرى مختصراً قال: قال سراقةُ: «يا رسولَ الله، أرأيْتَ عُمرتنا هذه، لِعامِنا، أم للأبد؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لِلأَبَدِ» .

وفي أخرى له قال: «تَمتَّعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وتَمتَّعنا معه، فَقُلْنَا: ألنا خاصَّة، أم للأبد؟ قال: بل للأبد» (?) .

S (عَرَكَت) المرأة: إذا حاضت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015