ثم تركتني وذهبت فلم أسمع لها خبراً ولا قفوت لها أثراً فأنا حيران أنتقل من مكان إلى مكان ثم صرخ صرخة عظيمة وأكبَّ على الأرض مغشياً عليه ثم أفاق بعد ساعة وكأنما صبغت ديباجة خده بورس وأنشد يقول:
أراك بقلبي من بلادٍ بعيدةٍ ... تُراكَمْ تروني بالقلوب على بعد
فؤادي وطرفي يأسفان عليكُمُ ... وعندِكُمُ روحي وذكركم عندي
ولست ألذُّ العيش حتى أراكُمُ ... ولو كنت في الفردوس أو جنّة الخلد
قال فقلت يا أخي تب إلى ربك واستقل من ذنبك واتق هول المطلع وسوء المضجع فقال هيهات هيهات ما أنا مبال حتى يكون ما يكون ولم أزل به إلى طلوع الصباح فقلت له قم بنا إلى مسجد الأحزاب فلعل الله أن يكشف عنك ما بك قال أرجو ذلك ببركة طلعتك إن شاء الله فنزلنا إلى أن وردنا مسجد الأحزاب فسمعته يقول:
يا للرجال ليوم الأربعاء أما ... ينفكُّ يحدث لي بعد النهى طربا
ما إن يزال غزالٌ فيه يظلمني ... يهوى إلى مسجد الأحزاب منتقبا
يخمِّنُ الناس أن الأجر هَّمته ... وما أنا طالباً للأجر مكتسبا
لو كان يبغي ثواباً ما أتى ظهراً