أما بعد فَإِذا أَتَاك المتلمس بكتابنا هَذَا فاقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وادفنه حَيا فَأَخذهَا المتلمس وقذفها فى نهر الْحيرَة ثمَّ قَالَ لطرفه إِن فى صحيفتك وَالله مافى صحيفتى فَقَالَ طرفَة كلا لم يكن ليجترئ على ثمَّ أَخذ المتلمس نَحْو الشَّام فنجا بِرَأْسِهِ وَتوجه طرفَة نَحْو الْبَحْرين وأوصل الْكتاب إِلَى عاملها فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ لَهُ إِن الْملك قد أمرنى بقتلك فاختر أى قتلة تريدها فَسقط فى يَده وَقَالَ أَن كَانَ لَا بُد من الْقَتْل فَقطع الأكحل فَأمر بِهِ ففصد من الأكحل وَلم تشد يَده حَتَّى نزف دَمه فَمَاتَ وفى ذَلِك يَقُول البحترى ويجريه مثلا فى اخْتِيَار خير الشرين
(وَلَقَد سكنت إِلَى الصدود من النَّوَى ... والشرى أرى عِنْد طعم الحنظل)
(وكذاك طرفَة حِين أوجس ضَرْبَة ... فى الرَّأْس هان عَلَيْهِ قطع الأكحل)
وَمِمَّنْ ضرب الْمثل بِصَحِيفَة المتلمس من قَالَ للفرزدق وَقد أَخذ كتابا من بعض الْمُلُوك إِلَى عَامله بصلَة لَهُ
(ألق الصَّحِيفَة يَا فرزدق لَا تكن ... نكداء مثل صحيفَة المتلمس)
وَكتب شُرَيْح إِلَى مؤدب ابْنه يشكوه وَيذكر لعبه بالكلاب ويأمره بتعزيره
(ترك الصَّلَاة لأكلب يسْعَى بهَا ... نَحْو الهراش مَعَ الغواة الرجس)
(فليأتينك غاديا بِصَحِيفَة ... نكداء مثل صحيفَة المتلمس)
(فَإِذا أَتَاك فخصه بملامة ... وأنله موعظة اللبيب الأكيس)
(فَإِذا هَمَمْت بضربه فبدرة ... وَإِذا ضربت بهَا ثَلَاثًا فاحبس)
(وَاعْلَم بأنك مَا فعلت فنفسه ... مَعَ مَا تجزعني أعز الْأَنْفس)