المندُوبُ تكليف اختياري لمصلحة المكلف:
إنَّ الله عزَّوجلَّ جعلَ في المستحبَّات رحمةً للعبادِ تصلُ بهِمْ إلى المقاماتِ العليَّةِ، ففي الحديثِ القُدسِيِّ: ((ولا يزالُ عبْدِي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحبَّهُ)) ، كما جعل فيها عوضًا لهم عمَّا يقعُ من تقصيرٍ في الفرائضِ فتجبُرُ نقصَهَا، كما صحَّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنهُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ أوَّل ما يُحاسبُ النَّاسُ به يومَ القيامَةِ من أعمالِهِمُ الصَّلاةُ، قال: يقولُ ربُّنا جلَّ وعزَّ لملائكتهِ وهوَ أعلمُ: انظُرُوا في صلاةِ عبدِي أتمَّها أم نقصَهَا، فإن كانتْ تامَّةً كُتِبتْ لهُ تَامَّةً، وإن كانتْ انتقصَ منها شيئًا قال: انظرُوا، هلْ لعبْدِي من تطوُّعٍ؟ فإنْ كانَ لهُ تطوُّعٌ قالَ: أتمُّوا لعبدِي فريضتَهُ من تطوُّعِهِ، ثمَّ تُؤخذُ الأعمالُ على ذَاكُمْ)) [أخرجه أصحابُ السُّنن] .
ولو أيقنَ العبدُ أنَّهُ أتمَّ الفرائضَ وما انتقصَ منهاَ شيئًا كانتْ نافلتُهُ زيادةً في درجتهِ، وإن تركَ التَّطوُّعاتِ حينئذٍ فليسَ عليهِ من مأثمٍ، دليلُ ذلكَ ما أخرجهُ الشَّيخانِ من حديثِ طلحةَ بنِ عُبيدِالله رضي الله عنهُ قال: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من أهلِ نجدٍ ثائرَ الرَّأسِ يُسمعُ دويُّ صوتِهِ ولا يُفقَهُ ما يقولُ، حتَّى دنَا، فإذا هُوَ يسألُ عن الإسلامِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ)) فقال: هلْ عليَّ غيرهَا؟ قالَ: ((لا، إلاَّ أن تطوَّعَ)) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وصيامُ رمضَانَ)) قال: هلْ عليَّ غيرُهُ؟ قال: ((لاَ، إلاَّ أن تطوَّعَ)) قال: