المجازى عِنْد الْقَرِينَة المفيدة أَنه المُرَاد (وَبِأَنَّهُ يجب فِي الْحَقِيقَة اسْتِعْمَاله) أَي اللَّفْظ (فِي) الْمَعْنى (الوضعي بِلَا قرينَة) وَلَا يسْتَعْمل صِيغَة الْأَمر فيهمَا بِلَا قرينَة (وَقيل بل الْقِسْمَة) للفظ بِاعْتِبَار اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى (ثلاثية) وَهِي أَنه إِن اسْتعْمل فِي معنى خَارج عَمَّا وضع لَهُ فَجَاز وَإِلَّا فَإِن اسْتَعْملهُ فِي عين مَا وضع لَهُ فحقيقة، وَإِلَّا فحقيقة قَاصِرَة، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بقوله (بِإِثْبَات الْحَقِيقَة القاصرة: وَهِي مَا) أَي اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل (فِي الْجُزْء) أَي جُزْء مَا وضع لَهُ لوُجُوب اسْتِعْمَال الْمجَاز فِي غير الْمَعْنى الوضعي والجزئي لَيْسَ غيرا وَلَا عينا. قَالَ صدر الشَّرِيعَة: الْجُزْء عِنْد فَخر الْإِسْلَام لَيْسَ عينا وَلَا غيرا على مَا عرف من تَفْسِير الْغَيْر فِي علم الْكَلَام، فَإِذا تقرر هَذَا (فالكرخي والرازي وَكثير) على أَنَّهَا فِي النّدب وَالْإِبَاحَة (مجَاز إِذْ ليسَا) أَي النّدب وَالْإِبَاحَة (جزئي الْوُجُوب لمنافاته) أَي الْوُجُوب (فصلهما) أَي فصل النّدب وَالْإِبَاحَة، وَمَا يُنَافِي فصل الْمَاهِيّة لَا يكون جُزْءا مِنْهَا (وَإِنَّمَا بَينهمَا) أَي بَين الْوُجُوب وَبَين الْإِبَاحَة وَالنَّدْب قدر (مُشْتَرك هُوَ الْإِذْن) فِي الْفِعْل، ثمَّ امتاز الْوُجُوب بفصل هُوَ امْتنَاع التّرْك، وَالنَّدْب بِجَوَازِهِ مرجوحا، وَالْإِبَاحَة بِجَوَازِهِ مُسَاوِيا (وَالْقَائِل) بِأَن صِيغَة الْأَمر فيهمَا (حَقِيقَة) يَقُول (الْأَمر فِي الْإِبَاحَة إِنَّمَا يدل على الْمُشْتَرك الْإِذْن) فِي الْفِعْل عطف بَيَان للمشترك (وَهُوَ) أَي الْمُشْتَرك (الْجُزْء) من الْوُجُوب (فحقيقة قَاصِرَة) أَي فيهمَا حَقِيقَة قَاصِرَة (وَثُبُوت إِرَادَة مَا بِهِ المباينة) للْوُجُوب من جَوَاز التّرْك مرجوحا وتساويا (وَهُوَ) أَي مَا بِهِ المباينة (فصلهما) أَي النّدب وَالْإِبَاحَة إِنَّمَا تدل عَلَيْهِ (بِالْقَرِينَةِ لَا بِلَفْظ الْأَمر) أَي صيغته، وَفِي التَّلْوِيح للْقطع بِأَن الصِّيغَة لطلب الْفِعْل، وَلَا دلَالَة لَهَا على جَوَاز التّرْك أصلا، وَإِنَّمَا يثبت جَوَاز التّرْك بِحكم الأَصْل، إِذْ لَا دَلِيل على حُرْمَة التّرْك (ومبناه) أَي هَذَا الْكَلَام (على أَن الْإِبَاحَة رفع الْحَرج عَن الطَّرفَيْنِ) الْفِعْل وَالتّرْك (وَكَذَا النّدب) رفع الْحَرج عَن الطَّرفَيْنِ (مَعَ تَرْجِيح الْفِعْل، وَالْوُجُوب) رفع الْحَرج (عَن أَحدهمَا) أَي أحد الطَّرفَيْنِ: وَهُوَ الْفِعْل، لِأَنَّهَا لَو فسرت بمعان أخر على مَا فصلت فِي التَّلْوِيح لَا يَتَأَتَّى بِمَا ذكر (وَمن ظن جزئيتهما) أَي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب للْوُجُوب (فَبنى الْحَقِيقَة) أَي كَونه حَقِيقَة قَاصِرَة (عَلَيْهِ) أَي على كَونهمَا جُزْءا (غلط لترك) الظَّان الْمَذْكُور فِي جَعلهمَا جُزْءا من الْوُجُوب (فصلهما) المنافى للْوُجُوب إِذْ لَو لم يتْركهُ لما حكم بالجزئية وَقد عرفت أَن مَا حَكَاهُ فَخر الْإِسْلَام من القَوْل بِكَوْن صِيغَة الْأَمر حَقِيقَة فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب لما كَانَ مُحْتَاجا إِلَى التَّأْوِيل تصدى لتوجيهه صدر الشَّرِيعَة وَثلث الْقِسْمَة كَمَا سَمِعت وَجعل صِيغَة الْأَمر فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب حَقِيقَة قَاصِرَة لكَون مَدْلُول الصِّيغَة هُنَاكَ إِنَّمَا هُوَ جنس حقيقتهما: وَهُوَ الْإِذْن الْمَذْكُور على مَا مر بَيَانه عَن التَّلْوِيح. وَقَالَ هَذَا بحث دَقِيق مَا مَسّه إِلَّا خاطري، وَقَررهُ