مُتَعَدد كَمَا تقدم) دفع لما يرد عَلَيْهِ، من أَنه كَيفَ يقطع بِعَدَمِ الْوُقُوع مَعَ تعدد أَسبَاب الْحَدث وَالْقَتْل وَحَاصِل الْجَواب أَن مَحل النزاع تعدد علل حكم وَاحِد، وَالْحكم فِيمَا ذكرْتُمْ مُتَعَدد، فالحدث الْحَاصِل بالبول غير الْحَاصِل بالرعاف، وَلذَا قيل إِذا نوى رفع أحد أحداثه لم يرْتَفع الآخر وَإِنَّمَا خص الْحَدث لِأَنَّهُ مَحل الْإِلْزَام على مَا سبق، لِأَن المتعدد فِي الْقَتْل وَاحِد: إِذْ لَا نزاع فِي ارْتِفَاع أَحدهمَا دون الآخر فِيهِ (أُجِيب بِمَنْع عدم الْوُقُوع، بل مَا ذكر) أَي بل هُوَ وَاقع فِي الْحَدث وَالْقَتْل على مَا سبق (وَكَون الثَّابِت بِكُل) من أَسبَاب الْحَدث وَالْقَتْل (غَيره) أَي غير الثَّابِت (بِالْآخرِ) من تِلْكَ الْأَسْبَاب (أَن أثْبته) أَي أثبت الْخصم الْكَوْن الْمَذْكُور (بالانفكاك نفيا) أَي لانْتِفَاء أَحدهمَا وَبَقَاء الآخر (فَتقدم اقْتِصَاره) أَي اقْتِصَار الانفكاك على حكم الْقَتْل لتَعَدد الْمُسْتَحق (وانتفاؤه) أَي انْتِفَاء الانفكاك (فِي الْحَدث ظَاهر، وتجويزه) أَي تَجْوِيز تعدد الْحَدث بِتَعَدُّد الْأَسْبَاب (لَا يَكْفِيهِ) أَي الإِمَام (لِأَنَّهُ مستدل) على دَعْوَى عدم الْوُقُوع فَيلْزم عَلَيْهِ الحكم بِتَعَدُّد الْحَدث المنازع فِيهِ قطعا ليتم استدلاله. (ثمَّ اتّفق المعددون) أَي الْقَائِلُونَ بِتَعَدُّد الْعلَّة (أَنه) أَي الحكم يثبت (بِالْأولِ) من الْأَوْصَاف الصَّالِحَة للعلية (فِي) صُورَة (التَّرْتِيب) وَعدم اجْتِمَاعهمَا مَعًا (وَفِي) صُورَة (الْمَعِيَّة، قيل) الحكم يثبت (بالمجموع فَكل) أَي من تِلْكَ الْأَوْصَاف (جُزْء) من الْعلَّة وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهَا يصلح للعلية اسْتِقْلَالا، وَذَلِكَ لِئَلَّا يلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح (وَقيل وَاحِدَة) مِنْهَا (لَا بِعَينهَا) فِي نَظرنَا (وَالْمُخْتَار) أَن الحكم يثبت (بِكُل) أَي بِكُل وَاحِد من تِلْكَ الْأَوْصَاف اسْتِقْلَالا (لِأَنَّهُ لَو امْتنع) ثُبُوته بِكُل اسْتِقْلَالا، والمفروض أَنه يصلح للاستقلال (كَانَ) ذَلِك الِامْتِنَاع (لِاجْتِمَاع الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة على مَدْلُول) وَاحِد يَعْنِي لَا مُوجب لامتناعه إِلَّا لُزُوم اجتماعها عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَي الِاجْتِمَاع الْمَذْكُور (حق اتِّفَاقًا) يَعْنِي أَن الْعِلَل لَيست فِي الْحَقِيقَة إِلَّا أَدِلَّة وأمارات تدل على ثُبُوت الحكم فِي مَحل كَسَائِر الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة، وَكم من حكم لَهُ أَدِلَّة مِنْهُمَا يسْتَقلّ كل وَاحِد مِنْهَا فِي الدّلَالَة عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة فكم من مطلب أقيم عَلَيْهِ عدَّة من الْبَرَاهِين بِخِلَاف الْعِلَل الْعَقْلِيَّة المؤثرة فِي وجود الْمَعْلُول فَإِنَّهَا لَا يُمكن فِيهَا ذَلِك على الْخلاف الَّذِي وَقع فِيهَا أَيْضا على مَا عرف فِي الْكَلَام. قَالَ الذَّاهِب إِلَى أَن الْعلَّة (الْمَجْمُوع) الْمركب من تِلْكَ الْأَوْصَاف (لَو اسْتَقل) كل وَاحِد مِنْهَا (فِي) صُورَة (الْمَعِيَّة) فِي الزَّمَان (لزم التَّنَاقُض) كَمَا مر (بِلُزُوم الثُّبُوت) أَي بِثُبُوت الحكم (بِكُل) لاستقلاله بِهِ (وَعَدَمه) أَي الثُّبُوت بِكُل لثُبُوته بِغَيْرِهِ اسْتِقْلَالا (وَمر جَوَابه) من قَوْله وَالْجَوَاب الِاسْتِقْلَال كَونهَا بِحَيْثُ إِذا انْفَرَدت ثَبت بهَا أَي عِنْدهَا والحيثية لَهَا فِي الْمَعِيَّة وَالتَّرْتِيب لَا معنى إفادتها الْوُجُود كالعقلية عِنْد الْقَائِل