(وَهُوَ) أَي اعْتِبَار الشَّارِع إِنَّمَا يتَحَقَّق (تَرْتِيب الحكم) عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يجب على الْمُجْتَهد إِثْبَات الحكم بِهِ، لَا أَنه يجوز أَن يحكم وَأَن لَا يحكم: وَهَذَا مَا تقدم الْوَعْد بالتنبيه عَلَيْهِ (وَاعْلَم أَن الْمُنَاسبَة لَو) كَانَت (بِحِفْظ أحد الضروريات) الْخمس (لزم) الْعَمَل بهَا (على) قَول (الْكل) من الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة (وَلَيْسَ) هَذَا الطَّرِيق (إخالة، بل من الْمجمع على اعْتِبَاره) فَلَا تذهل عَنهُ.
(قسم الْحَنَفِيَّة مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْعلَّة بالاشتراك) اللَّفْظِيّ (أَو الْمجَاز لَا حَقِيقَتهَا) مَعْطُوف على مفعول قسم، يَعْنِي الْمقسم للأقسام السَّبْعَة إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى الْمجَازِي للفظ الْعلَّة الَّذِي يعم جَمِيع مَا يسْتَعْمل فِيهِ، لَا الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، ثمَّ علله بقوله (إِذْ لَيست) حَقِيقَة الْعلَّة، يَعْنِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ الَّذِي لَا شُبْهَة فِي كَونه حَقِيقَة لَهَا فِي عرف الشَّرْع، فَلَا يُنَافِي مَا ذكره من احْتِمَال الِاشْتِرَاك (إِلَّا الْخَارِج) عَن الْمَعْلُول (الْمُؤثر) فِيهِ. وَمن الْمَعْلُوم أَن الْخَارِج الْمَذْكُور لَا يَنْقَسِم (إِلَى سَبْعَة) من الْأَقْسَام (ثَلَاثَة) مِنْهَا (بسائط) غير مركبة من الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة الَّتِي ستذكر، وَأَرْبَعَة مِنْهَا مركبة من تِلْكَ الْأَوْصَاف (إِلَى عِلّة) بدل من قَوْله إِلَى سَبْعَة وَمَا بَينهمَا اعْتِرَاض (اسْما) تَمْيِيز عَن نِسْبَة عِلّة إِلَى مَوْصُوف مُقَدّر: أَي إِلَى خَارج عليته من حَيْثُ الِاسْم فَقَط لَا الْمَعْنى وَالْحكم، ثمَّ فَسرهَا بقوله (وَهِي الْمَوْضُوعَة) شرعا (لموجبها) أَي معلولها الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من غير تَأْثِير وَعدم تراخ (أَو الْمُضَاف إِلَيْهَا) على سَبِيل منع الْخُلُو: أَي الْعلَّة الَّتِي يُضَاف الحكم إِلَيْهَا إِضَافَة نحوية كَمَا يُقَال كَفَّارَة الْيَمين، أَو لغوية كَمَا يُقَال: قتل بِالرَّمْي، وَعتق بِالشِّرَاءِ وَهلك بِالْجرْحِ (بِلَا وَاسِطَة) عِنْد الْإِضَافَة، وَإِن كَانَت الْوَاسِطَة ثَابِتَة فِي الْوَاقِع (وَمعنى بِاعْتِبَارِهِ تأثيرها) أَي عِلّة تأثيرها فِي إِثْبَات الحكم (وَحكما بِأَن يتَّصل بهَا) الحكم (بِلَا تراخ وَهِي) أَي الْعلَّة اسْما وَمعنى وَحكما (الْحَقِيقَة وَمَا سواهُ) أَي مَا سوى هَذَا الْقسم (مجَاز أَو حَقِيقَة قَاصِرَة) كَمَا هُوَ مُخْتَار فَخر الْإِسْلَام، وَلَا يخفى أَن الْحَقِيقَة القاصرة حَيْثُ لم يحتو جَمِيع أَجزَاء الْحَقِيقَة لَا بُد أَن يكون مجَازًا غير أَنَّهَا خصت بِهَذَا الِاسْم لقربها من الْحَقِيقَة (وَالْحق أَن تِلْكَ) أَي الْعلَّة اسْما وَمعنى وَحكما (التَّامَّة تلازمها) وَهُوَ الحكم الْمُتَّصِل بهَا (وَمَا سواهَا قد يكون) عِلّة (حَقِيقِيَّة لدورانها) أَي الْحَقِيقَة (مَعَ الْعلَّة معنى) فَيلْزم أَن تكون الْعلَّة معنى أَيْضا حَقِيقَة (فَتثبت) الْحَقِيقَة (فِي أَرْبَعَة) تُوجد فِيهَا الْعلَّة معنى التَّامَّة (كَالْبيع) الصَّحِيح (الْمُطلق) على شَرط الْخِيَار فَإِنَّهُ عِلّة (للْملك وَالنِّكَاح) فَإِنَّهُ عِلّة (للْحلّ وَالْقَتْل) الْعمد الْعدوان فَإِنَّهُ عِلّة (للْقصَاص وَالْإِعْتَاق لزوَال الرّقّ) فَإِن كلا مِنْهَا عِلّة اسْما وَمعنى وَحكما (وَيجب كَونه) أَي الْإِعْتَاق لزوَال الرّقّ (على قَوْلهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد بِنَاء على أَن الْإِعْتَاق لَا يتَجَزَّأ عِنْدهمَا (أما على قَوْله) أَي أبي حنيفَة (فلإزالة الْملك) فَإِنَّهُ يتَجَزَّأ عِنْده على مَا عرف (وَإِلَى الْعلَّة اسْما فَقَط