* فإنْ قلتَ: فقد عَلِمْتُ حَدَّ الفقيرِ الذي يستحقُّ الصدقةَ عندَ الشافعيِّ، فَما حَدُّهُ عندَ غيرِه؟
قلتُ: اختلفَ فيه أهلُ العلمِ اختلافًا كثيرًا:
فجعلَهُ أبو حنيفةَ مَنْ لمْ يَمْلِكِ النِّصابَ (?)؛ استدلالًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أن آخذَ الصدقةَ (?) من أغنيائِكم، فَأَرُدَّها على فُقرائكم" (?).
وقالَ أحمدُ، وإسحاقُ، والثوري: لا يأخُذُ مَنْ له خَمْسون دِرْهَما، أو قَدْرُها من الذهبِ، ولا يُعطى منها أكثرَ من ذلك، إلَّا أنْ يكونَ غارِمًا (?)؛ لما رُويَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ خَمْسونَ دِرْهَمًا" (?)، ولكنه ضَعَّفَه الحُفّاظُ.
ورُوي عن مالكٍ: أَنَّهُ اعتبرَ أربعينَ دِرْهَمًا (?)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ ولهُ أوقِيَّةٌ، أو عَدْلُها، فقدْ سَأَلَ إلْحافًا" (?)، والأوقيةُ أربعونَ دِرْهَمًا.