وبقول الشاعر (?): [البحر البسيط]
أَمَّا الفقيرُ الذي كانَتْ حلوبَتُهُ ... وَفْقَ العِيالِ، فَلَمْ تَتْرُكْ لَهُ سَبَدا (?)
وذهبَ مالكٌ وأبو حنيفةَ وأكثرُ العلماءِ وأكثرُ أهلِ اللغةِ إلى أن المسكينَ أَمَسُّ حاجَةً من الفقيرِ (?)، واحتجُّوا بقولهِ تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] , أي: لَصِقَ بالتُّرابِ من الحاجَةِ، فلا بَيْتَ يُؤْويه، ولا شَيْءَ يَكْفيه، فكأنه قدِ استكانَ من الحاجة.
وأجابوا عن الآيةِ الأولى بأنه ذكرَ المَسْكَنَةَ على سبيلِ التَّرَحُّمِ من خَطَرِ المَلِكِ الغاصِبِ؛ كقولِ الشاعر (?): [البحر الطويل]
مساكينُ أَهْلُ الحُبِّ حَتَّى قُبورُهُمْ ... عَلَيْها تُرابُ الله الذُّلِّ بَيْنَ المَقابِرِ
وعلى الجملةِ، فالفرقُ بينهما عسيرٌ ولا يَصْفى لأحدِهم دليلٌ, لوقوعِ كُلِّ واحدٍ من الاسمين على الآخَرِ عندَ الانفرادِ، ولهذا ذهبَ أبو يوسُفَ، وابنُ القاسمِ، وسائرُ أصحابِ (?) الشافعيِّ إلى التسويةِ بينهما.