التخصيص بالصفة هو: أن يكون اللفظ يدل على العموم، وفي السياق صفة مقيدة أو مخصصة، كقول القائل: (أكرم العلماء) عموم، فيعم كل العلماء، سواء كان صغيراً أو كبيراً، فاسقاً أو فاجراً، صالحاً أو قانتاً، ورعاً أو تقياً، متقناً أو غير متقن، لكن لما يقول: (أكرم العلماء الصادقين) فهنا وصف (العلماء) بصفة، وهذه الصفة تعتبر صفة مخصصة، فيكون قد خصصت طائفة من العلماء بأنهم يستحقون الإكرام، وهم العلماء الصادقون.
أو يقول: أعط طلبة العلم المال، أي: أعط طلبة أي علم: علم الكمبيوتر، علم الهندسة، علم الطب، لكن لو قال: أعط طلبة العلم الشرعي المال، فإذاً: خصصت طلبة العلم الشرعي.
ومثل قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] ووجه الاستدلال أن الحج واجب على الناس المستطيع وغير المستطيع، ولكن الوصف جعله عاماً في الناس الموصوفين بالاستطاعة فقط.
وقال تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء:23] فهنا الربيبة: التي في حجر زوج الأم، فتحرم عليه، لكن هذه الزوجة التي تزوجها ولها ابنة هل لها وصف يقيدها أم لا؟ قالت الآية: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء:23] يعني: كل امرأة سواء دخلت بها أو لم تدخل بها إذا كان لها ابنة ربيبة فتحرم عليك هذه الربيبة، ثم جاء الوصف الذي قيد هذا العموم وهو قوله: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء:23]، فهذا يفيد على أنها ليست على العموم، بل تخرج بذلك التي لم يدخل بها، فإذا لم تدخل بها فالربيبة تحل لك.
مثاله: رجل عقد على هند، وهند لها ابنة تسمى: زينب، فحدثت بين الرجل وهند مشاجرة، فطلق هنداً، ونظر إلى زينب فأعجبته فأراد الزواج منها، نقول: يصح التزوج بزينب؛ لأن الربائب اللاتي في الحجور مخصصة بالدخول على الأمهات، وهنا لم يحصل الدخول بأم زينب.
أيضاً: قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:25]، ملك اليمين هي: الإماء، والأمة قد تكون مؤمنة وغير مؤمنة، وممكن تكون من أهل الكتاب وممكن تكون مشركة، فيقول الله تعالى: إن لم يكن معك مال تستطيع أن تتزوج الحرة المحصنة {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ}، يعني: لك أن تتزوج أمة، لكن لا يكون ذلك إلا بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يخشى على نفسه العنت.
الشرط الثاني: ألا يجد طولاً في نكاح المحصنات المؤمنات.
الشرط الثالث: أن تكون مؤمنة، وهذا الشرط ورد في قول الله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:25]، إذاً: الوصف في الآية خصص المؤمنات من الفتيات دون غير المؤمنات.
وهناك بعض الأحكام تتعلق بالصفة منها: إذا تقدمت الصفة على متعدد، فهي وصف للجميع كما قلنا في الاستثناء والشرط، أما إذا توسطت المتعدد، فهي وصف لما تقدمها فقط.