رطبًا {وَجَنَّاتٍ} ، أي: بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة وألوان مختلفة وطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعًا، ولهذا قال: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} ، قال ابن عباس وغيره: {أَلْفَافاً} مجتمعة، وهذه كقوله تعالى: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .
قوله عز وجل: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً (21) لِلْطَّاغِينَ مَآباً (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (23) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً (24) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (25) جَزَاء وِفَاقاً (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً (29) فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً (30) } .
عن قتادة: قوله: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً} وهو يوم عظمه الله يفصل الله فيه بين الأولين والآخرين بأعمالهم، {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً} ، قال مجاهد: زمرًا زمرًا، {وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً} ، قال ابن كثير: أي: طرقًا ومسالك لنزول الملائكة، {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} ، أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء وليست بشيء. وكان الحسن إذا تلا هذه الآية: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً} ، قال: ألا إن على الباب الرصد، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يجيء بجواز احتبس. وقال قتادة: يعلمنا أنه لا سبيل إلى الجنة حتى يقطع النار. {لِلْطَّاغِينَ مَآباً} ، أي: نزلاً ومأوى، {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} وهو مالا انقطاع له، كلما مضى