قال ابن كثير: ثم شرع تبارك وتعالى يبين قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره فقال: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً} ، أي: ممهدة للخلائق ذلولاً لهم قارة ساكنة ثابتة، {وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} ، أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها، ثم قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً} ، يعني: ذكرًا وأنثى يتمتع كل منهما بالآخر ويحصل التناسل، كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} .

وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} أي: قطعًا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً} أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً} أي: جعلناه مشرقًا نيرًا مضيئًا، ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب.

وقوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} يعني: السموات السبع في اتساعها وارتفاعها، وإحكامها وإتقانها، وتزينها بالكواكب الثوابت والسيارات، ولهذا قال تعالى: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} يعني: الشمس المنيرة على جميع العالم، التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلها.

وقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} أي: السحاب، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} . وقوله جل وعلا: {مَاء ثَجَّاجاً} قال مجاهد: منصبًّا.

وقوله تعالى: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} ، أي: لنخرج بهذا الماء الكثير الطيب النافع المبارك حبًا يدخر للأناسي والأنعام {وَنَبَاتاً} ، أي: خضرًا يؤكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015