ثم قال للمنذر بن عمرو أمير الوفد: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} بالهدية، ... {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا} ، أي: من بلادهم، {أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} إن لم يأتوني مسلمين. قال وهب بن منبه: فلما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان قالت: قد عرفت والله ما هذا بملك وما لنا به طاقة، فبعثت إلى سليمان أني قادمة عليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك وما تدعو إليه من دينك، ثم أمرت بعرشها فجعل في آخر سبعة أبيات بعضها في بعض، في آخر قصر من سبعة قصور لها، ثم أغلقت دونه الأبواب ووكّلت به حراسًا يحفظونه، ثم قالت لمن خلّفت على سلطانها: احتفظ بما قِبَلَكَ، وسرير ملكي لا يخلص إليه أحد ولا يقربه حتى آتيك.

قوله عز وجل: {قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) } .

قال قتادة: لما بلغ سليمان أنها جائية، وكان قد ذُكر له عرشها فأعجبه وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم ودماؤهم فقال: {يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ} ، قال البغوي: وهو المارد القوي: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ} ، قال ابن عباس: يعني: قبل أن تقوم من مجلسك {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} أي: قويّ على حمله أمين على ما فيه من الجوهر، فقال سليمان عليه السلام: أريد أعجل من ذلك، {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ} ، وهو آصف كاتب سليمان - قال قتادة -: كان مؤمنًا من الإِنس: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} ، قال مجاهد: يعني: إدامة النظر حتى يرتدّ الطرف خاسئًا، قال سليمان: هات فسجد وقال: يا ذا الجلال والإكرام، يا إلهنا وإله كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015