شيء إلهًا واحدًا، لا إله إلا أنت، ائتني بعرشها. قال الكلبي: فغار عرشها تحت الأرض حتى نبع عند كرسيّ سليمان.
{فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} نعمه {أَمْ أَكْفُرُ} فلا أشكرها، {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} ، أي: يعود نفع شكره إليه، {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ} عن شكره، {كَرِيمٌ} . قال ابن كثير: أي كريم في نفسه وإن لم يعبده أحد، فإن عظمته ليست مفتقرة إلى حدّ. وهذا كما قال موسى: {إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} .
وقال ابن جرير: وقوله: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ} ، يقول جل ثناؤه: قال الذي عنده علم من الكتاب. وقال ابن عباس: هو: آصف كاتب سليمان. قال أكثر المفسرين: وكان صدّيقًا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.
قوله عز وجل: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ ... مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ ... هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ ... مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) } .
عن ابن عباس: فلما أتته {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} ، قال: وتنكير العرش أنه زيد فيه ونقص لينظر في عقلها، فوُجدت ثابتة العقل. وعن قتادة: {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} ، قال: شبّهته وكانت قد تركته خلفها. قال عكرمة: كانت حكيمة لم تقل: نعم، خوفًا من أن تكذب، ولم تقل: لا، خوفًا من التكذيب، {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} .