قوله عز وجل: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً
(92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) } .
عن ابن عباس قوله: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} ، يقول: لقد جئتم شيئًا عظيمًا، وهو المنكر من القول، {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} ، قال: إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلاَّ الثقلين، وكادت أن تزول منه لعظمة الله، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحّدين؛ وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقّنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة» . قالوا: يا رسول الله فمن قالها في صحته؟ قال: «تلك أوجب وأوجب. - ثم ... قال -: والذي نفسي بيده لو جيء بالسماوات والأرض وما فيهن وما بينهنّ وما تحتهن، فوضعن في كفة الميزان، ووضعت شهادة أن لا أله إلاَّ الله في الكفة الأخرى لرجحت بهن» .
وقوله تعالى: {وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً} ، أي: ما يليق به اتخاذ الولد، {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ، أي: الخلق كلهم عبيده، {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} .
قال ابن جرير: يقول: وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم تقوم الساعة وحيدًا لا ناصر له من الله ولا دافع عنه.