الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ}.
هذه الآيات تتضمن وصف الله بنفي تلك النقائص عنه سبحانه، فالله موصوف بالإثبات وبالنفي، ومن صفات النفي التي يوصف الله بها تعالى أنه منزه عن: الولد، والوالد، والكفء، والند، والشريك، والولي من الذل.
قوله تعالى {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} فيه نفي الولد، ونفيُ الولد نَجده في القرآن كثيرا كما في هذه الآيات التي فيها التنديد بالذين ينسبون إليه الولد، وذلك لأن كثيرا من الأمم نسبوا إليه ذلك تعالى الله عمّا يقولون، فاليهود قالت: عزيز ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، ومشركو العرب قالوا: الملائكة بنات الله؛ ولهذا كثر التنديد بمقالتهم {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِين * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ [(149 - 156) سورة الصافات] توبيخ، وتقريع، وإفحام لأولئك، وأنه لا حجة لهم لا من عقل، ولا من شرع، ولا من حس ما هو إلا الكذب، والافتراء الذي زينه الشيطان لهم {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [(19 - 22) سورة النجم].
وكل من أشرك مع الله غيره فقد جعل له مثلا، وجعل له ندا؛ ولهذا أنكر الله عليهم ذلك {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} لا تجعلوا له أشباها، ونظراء؛ فإنه لا نظير له، لا تجعلوا له أندادا في العبادة، فإنه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، فلا مثيل له في ذاته، ولا في صفاته، ليس كمثله شيء.
وهذه الآيات الغالب فيها النفي، وإن كان فيها إثبات، لكن الشيخ ـ رحمه الله ـ ساقها للاستشهاد بها على الصفات السلبية، فالله تعالى موصوف بنفي النقائص، والعيوب، كنفي الشريك، ففي القرآن {لاَ شَرِيكَ لَهُ} [(163) سورة الأنعام]، {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [(43) سورة الطور] ونفي الولد، والصاحبة {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [(3) سورة الجن] {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ