أنه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، وأن كل عمل لغيره فهو فان هالك ذاهب {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ولا يبقى إلا ما كان خالصا لوجهه {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}.
قوله تعالى {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} توبيخ من الله لإبليس عندما امتنع عن السجود لآدم {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أظهر الله تعالى فَضْل آدم حيث فضَّله بفضائل: خلقه بيده من بين سائر المخلوقات، ونفخ فيه من روحه، وعلمه أسماء كل شيء، وأسجد له الملائكة.
وكل الموجودات هي خلقه سبحانه خلقها بقدرته، ومشيئته، وأمره {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وآدم خلقه الله بمشيئته، وبأمره، ولكن خصَّه بأن خلقه بيديه تعالى كيف شاء، والله يفعل بيديه ما شاء ويأخذ بيده ما شاء كما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " (?).
وهذا الحديث يفسر قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} نؤمن بأن لله يدين حقيقة يفعل ويخلق ويأخذ بهما ما شاء كيف شاء سبحانه وتعالى، ولا نكيفها، ولا نتخيلها أبدا، ولا نقول: له يدان، وليستا جارحتين، فإن هذه العبارة يطلقها بعضهم، وهي عبارة مبتدعة موهمة، وقد تتضَّمن نفي حقيقة اليدين، فلفظة جارحة تحتاج إلى تفسير.
له تعالى يدان حقيقة، وإذا قلنا: له يدان حقيقة فلا يفهم أنهما كأيدي المخلوقين.