يدل على بقائه تعالى، وعلى أن له وجها، ولا تدل الآية بظاهرها أبدًا على أن البقاء لوجهه فقط، هذا فهم ساذج، وسمج، وساقط.
والتأويل هو: صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى آخر، ـ أو ـ: عن احتمال راجح إلى احتمال مرجوح.
فنسأل: هل هاتان الآيتان تحتاجان إلى تأويل؟
بحيث نقول: إن ظاهرهما أن البقاء لوجهه فقط! أعوذ بالله هل هذا ظاهرهما؟
لا ليس ظاهر الآيتين هذا، بل ظاهرهما أنه سبحانه وتعالى الباقي {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} كل عاقل يعرف دلالات الكلام يفهم من هاتين الآيتين أنه سبحانه وتعالى الباقي الذي لا يفنى وأن له وجها.
فأفاد التركيب إثبات البقاء له تعالى، وإثبات الوجه له سبحانه تعالى، ولا يفيد أن البقاء مخصوص، أو خاص بالوجه دون ذاته، تعالى الله عن فهم الخاطئين الغالطين.
فدلت الآيتان على أن له وجها، وقد وصف سبحانه وتعالى وجهه بالجلال والإكرام {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ والإكرام} فوجهه موصوف بالجلال والعظمة، والكبرياء، وبالإكرام، فهو تعالى الذي يكرم عباده، وهو المستحق من عباده أن يكرموه بطاعته، وبتقواه، وبتعظيمه، وإجلاله ثناء عليه، وتمجيدا له، وتعظيما له، وتنزيها له عن كل نقص، وعيب.
وهو تعالى يوصف بالجلال والإكرام كما قال تعالى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(78) سورة الرحمن].
كما تدل الآيتان على أن كل عمل لغير الله فهو باطل {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} فإذا كان كل شيء ذاهبا، وأن البقاء له وحده، فهو الذي يبقى، ولا يفنى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وجهه} فإن ذلك يتضمن