وقوله تعالى: {لَا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} هذا نفي، وقوله تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إثبات فهذه الآية فيها إثبات مفصل، ونفي مفصل.
لَا تَاخُذُهُ سنة: لا تغلبه السِّنة، وهي: النعاس، والوسن، ولا النوم، كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:" إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور، أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " (?). وفي قوله تعالى: {لَا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} نفي يتضمن تأكيدا لكمال حياته؛ لأن النوم أخو الموت، والسِنة هي بدايات النوم.
فالله تعالى: الحي الذي لا يموت، ولا ينام، ولا ينبغي له أن ينام.
وقوله تعالى {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} في هذا إثبات لكمال ملكه على كل شيء.
وقوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} هذا نفي أي: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، وهذا يتضمن كمال ملكه، فَلِكَمَالِ ملكه لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، بخلاف المخلوقين، كالملوك، والكبراء الذين يشفع عندهم مقربوهم بغير إذنهم، وينزلون على رغبتهم، وإن كانوا كارهين.
المقصود أن هذه الآية اشتملت على العديد من أسماء الرب ـ كما تقدم ـ والعديد من صفاته، وقد اشتملت على نفي: {لَا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِه} وهذا لكمال عظمته لا يحيط العباد به علما كما قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [(110) سورة طه]. ومن النفي الذي اشتملت عليه هذه الآية {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}.