اتقوا: فالمتقون قد يذنبون، ويقول تعالى في صفة المتقين الذين يعدُّ الصحابة في أول وأعلى درجاتهم من هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [(135) سورة آل عمران].
وإذا علم هذا فما يُقَدّر أن يقع منهم من ذنوب فإن لهم من أسباب المغفرة ما ليس عند غيرهم، فإنه يغفر لهم إما بالتوبة، وهم أحرى بها، وإما بالحسنات الماحية، أو المصائب المكفرة.
هذه مكفرات الذنوب لهم ولغيرهم، ولكنهم هم أولى بها، ونصيبهم منها أعظم وأكبر، أو يغفر لهم بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين هم أحق بشفاعته.
مع أن ما يقدر أن يصدر عنهم إن صدر نزر قليل في جانب فضائلهم، وحسناتهم، فإن لهم سوابق، وفضائل لا يلحقهم فيها غيرهم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:" لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" (?).
كيف وهم الذين قال فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"خير الناس قرني ثم الذي يلونهم " (?). وقرنه هم الصحابة رضي الله عنهم.
فالمقصود أن الواجب هو الكف عن مساوئ الصحابة، والتماس العذر لهم، وتذكر ما لهم من الفضائل والسوابق، وما لديهم من أسباب المغفرة، وما يكون منهم من ذنوب فإن ذلك مغمور في جانب حسناتهم وفضائلهم (?).