ثم القَدْر الذي يُنْكَر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم: من الإيمان بالله، ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرة القوم بعلم، وبصيرة، وما مَنَّ الله عليهم من الفضائل؛ عَلِم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان، ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة، التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم ذكر جمل من المسائل التي يتضمنها منهج أهل السنة والجماعة في أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن منهجهم وطريقتهم القويمة السليمة أنهم يمسكون عمّا شجر بين الصحابة، فلا يخوضون فيما وقع بينهم من الخلاف والنزاع والحروب، ولا يجعلون ما جرى بين الصحابة حديثا يتسلون به؛ فضلا عن أن يتذرعوا به إلى الطعن في أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل يُعرضون عنه، ويغفلون عنه؛ لأن مع ما في الخوض فيه من المفاسد؛ فإنه أيضًا يؤلم قلوب المؤمنين؛ فلا يحبون التكلم فيه والتشاغل به؛ بل إذا تذكروا ذلك، أو ذُكِرَ لهم وقفوا وزجروا من يخوض في ذلك، ويبادرون بالترضي عن أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والدعاء لهم بالمغفرة، كما جاء في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [(10) سورة الحشر].
فلا يخوضون فيما شجر بين الصحابة لا كلامًا، ولا كتابة وتأليفا، فتسطير ما جرى بين الصحابة لا خير فيه، اللهم إلا من يكتب للرد على المبطلين وإزاحة الشبه (?)، فيكون هذا الكلام، وهذا التأليف ليس